Irwāʾ al-ẓamī bi-tarājim rijāl Sunan al-Dāramī
إرواء الظمي بتراجم رجال سنن الدارمي
Publisher
دار العاصمة للنشر والتوزيع
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م
Publisher Location
الرياض - المملكة العربية السعودية
Genres
وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّان فِي التَّابِعِيْنَ مِنْ "ثِقَاتِهِ"، وَقَالَ: "عِدَادُهُ فِي أَهْلِ الكُوْفَةِ، رَوَى عَنْهُ أَهْلُهَا" (^١).
(^١) قُلْتُ: سَبَقَ وَأَنْ ذَكَرْنَا أَنَ مُسْلِمًا ذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يَرْو عَنْهُ أَحَدٌ غَيْر أَبِي إِسْحَاق السَّبِيْعِي، فَهَلْ بَيْنَ كَلام مُسْلِم، وَابْنِ حِبَّان هَذَا تَعَارُض؛ فَيُقَدَّم قَوْل المُثْبِت -وَهُوَ ابْنُ حِبَّان- عَلَى قَوْلِ النَّافِي -وَهُوَ مُسْلِم-؟ أَمْ يُقَالُ: عِبَارَة ابْن حِبَّان فِيْهَا تَجَوُّز؟ .
الجَوَاب: النَّاظِرُ بَيْنَ العِبَارَتَيْنِ مِنْ حَيْثُ ظَاهِرُهُمَا، يَقْضِي بِأَنَّ بَيْنَهُمَا تَعَارِضًا، وَقَدْ سُئِلَ العَلامَة الأَلبَانِي كَمَا فِي "سُؤَالات" شَيْخِنَا أَبِي الحَسَن السُّلَيْمَانِي لَهُ (ص: ١٣٥) فَقِيْلَ لَهُ: يَذْكُرُ ابْنُ حِبَّان فِي كِتَابِهِ "الثِّقَات" أَحْيَانًا بَعْضَ الرُّوَاةِ وَيَقُوْلُ: رَوَى عَنْهُ أَهْلُ بَلَدِهِ، أَوْ رَوَى عَنْهُ الكُوْفِيُّوْن، أَوِ البَصِريُّوْن، فَيَبْحَث طَالِبُ العِلْم فِي كُتُبِ الأَئِمَّة فَمَا يَجِدُ إِلا رَاوِيًا وَاحِدًا، فَهَلْ قَوْل ابْنِ حِبَّان يَرْفَعُ جَهَالَةَ عَيْنِهِ، أَم نَبْقَى عَلَى مَا وَقَفْنَا عَلَيْهِ مِنَ الرُّوَاة؟ .
فَأَجَابَ الشَّيْخ عَنْ ذَلِكَ بِمَا يقْتَضِيْهِ ظَاهِر العِبَارَة، فَقَالَ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- مَا نَبْقَى -أَي عَلَى مَا وَقَفْنَا عَلَيْهِ مِنَ الرُّوَاةِ- وإِنَّمَا نَسْتَفِيْدُ مِنْ كَلامِ ابْنِ حِبَّان أَنَّهُ ذَكَرَ جَمَاعَةً مِنَ الكُوْفِيَّيْن، أَوِ الوَاسِطِيِّيْن، أَوِ البَغْدَادِيِيْن، أَوْ مَا شَابَه ذَلِكَ، فَيُضَاف هَذَا إِلَى ذَلِكَ الرَّاوِي الَّذِي صَرَّحَ بِهِ بَعْضُ المُتَقَدِّمِيْن -مَثَلًا- كالبُخَارِي، وَابْنُ أَبِي حَاتِم وَأَمْثَالِهمَا، وَإِبْهَامُ هَذَا الجَمْع لا يَضرُّ؛ لأَنَّنَا لا نَحْتَج بِهِمْ لِنُوَثِّق؛ وَإِنَّمَا لِنَرْفَع الجَهَالَة العَيْنِيَّة". اهـ.
قُلْتُ: وَلَكِنْ إِذَا نَظَرْنَا فِي صَنِيعِ أَهْلِ التَّحْقِيْق مِنْ أَهْلِ العِلْم مِنَ النَّاحِيَةِ العَمَلِيَّة نَجِدُهُم يَتَعَقَّبُوْنَ ابْنَ حِبَّان فِي ذَلِكَ، فَفِي "تَعْجِيْل المَنْفَعَة (١/ ٥٣٠) تَرْجَمَة رَبِيْعَة بْنِ النَّابِغَة، قَالَ الحَافِظ: "وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حِبَّان فِي "الثِّقَات": "عِدَادُهُ فِي أَهْلِ الكُوْفَةِ؛ رَوَى عَنْهُ أَهْلُهَا". فَكَأَنَّ مُرَادَهُ: رَوَى عَنْهُ وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِهَا، وَهُوَ عَلِي بْنِ زَيْدٍ المَذْكُوْر، فَقَدْ ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّهُ تَفَرَّدَ بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ.
وَقَالَ فِي "التَّهْذِيْب" (٢/ ٣٤٢/ الرِّسَالَة) تَرْجَمَة عَبْدِ اللهِ بْنِ السَّائِب بْنِ يَزِيْد الكِنْدِي: "قَالَ ابْنُ حِبَّان: "رَوَى عَنْهُ أَهْلُ المَدِيْنَة". فَإِنْ كَانَ أَرَادَ بِهَذَا الإِطْلاقِ ابْن أَبِي ذِئْب فَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَإِنْ كَانَ مُرادُهُ ظَاهِر اللَّفْظ فَشَاذٌّ".
وَفِي "تَعْجِيْل المَنْفَعَة" (٢/ ٢٤٤) نَقَلَ الحَافِظُ قَوْلَ ابْنِ حِبَّان فِي مِحْجَن الأُمَوِي: "رَوَى عَنْهُ أَهْلُ المَدِيْنَة". فَتَعَقَّبَهُ الحَافِظ فَقَال: "قُلْتُ: الرَّاوِي عَنْهُ ضَعِيْفٌ، وَلَمْ يَذْكُرُوا عَنْهُ رَاوِيًا غَيْرَهُ. وَنَقَلَ =
1 / 386