الشأن في ما تيسر له الوصول إليه من بقاع العالم الإسلامي في ذلك الوقت، والتتلمذ على أيديهم، وتدوين ما تيسر له من علومهم، وكان يفصل بين مواطن رحلاته مسافات شاسعة، فمن أصبهان شرقًا، إلى ثغر مصر غربًا، وهي مسافات تعد بمقاييس المواصلات في ذلك العصر شاسعة متباعدة، ولكن همة طالب العلم تستسهل الصعب، ولا تقف به دون بلوغ مطامحه، سيما بين أولئك العلماء الأفذاذ من أسلافنا الكرام، الذين كانوا يطلبون العلم لله بإخلاص وتجرد، لا يهمهم في ذلك بلوغ جاه، أو نيل دنيا.
ولذلك نرى أثار رحلاتهم انعكست على سعة تحصيلهم، وجودة تأليفهم، وعموم نفعها لمن بعدهم. فكلما تعددت الرحلات، وكثر الشيوخ، وطالت المدد، كلما كان صاحبها أوسع علمًا، وأكثر إتقانًا، وأحظى مكانة بين تلاميذه وأقرانه.
وتحدثنا كتب التاريخ عن رحلات كثيرة للحافظ عبد الغني، بدأها بهجرته مع أسرته من مسقط رأسه في فلسطين، إلى دمشق وهو صغير، وكان ذلك سنة إحدى وخمسين وخمسمائة، وكانت سنه آنذاك إحدى عشرة سنة على القول بأن ولادته كانت سنة
1 / 17