Iqlim Muqaddima Qasira

Shayma Taha Raydi d. 1450 AH
43

Iqlim Muqaddima Qasira

الإقليم: مقدمة قصيرة

Genres

كان للانتقال من السلطة العثمانية إلى السلطة الاستعمارية البريطانية عواقب مهمة بالنسبة إلى إعادة أقلمة الحياة الاجتماعية بصفة عامة، وتهويد الأرض (ونزع الهوية الفلسطينية عنها) بصفة أخص.

سخر أحد التعديلات الانتدابية على قانون الأراضي العثمانية لعرقلة السهولة التي كان يمكن بها امتلاك الأرض الموات؛ فقد ألغى مرسوم الأرض الموات (الصادر عام 1921) الفقرة الأخيرة من المادة 103 (انظر أعلاه) من قانون الأراضي العثمانية، مستعيضا عنها بالتالي: «أي شخص يقوم بتقسيم أو زراعة أي أرض بور دون الحصول على موافقة السلطة، لن يكون له الحق في الحصول على سند ملكية لمثل هذه الأرض، بالإضافة إلى أنه سوف يكون معرضا للملاحقة القضائية بتهمة الاعتداء على ممتلكات الغير.» ربما كان المضمون القانوني لهذا الجزء ضخما. فتحت الحكم العثماني، كان أي شخص «يحيي» أرضا «مواتا» أو «بورا» كان يحصل في الحال على سند ملكية خالص وشرعي لها، حتى لو لم يكن قد حصل على تصريح السلطات؛ أما تحت حكم الانتداب، كان مثل هذا الشخص يصبح متعديا على ممتلكات الغير، مهما طالت الفترة التي أمضاها الشخص في زراعة الأرض. (كيدار 2001، 936)

كذلك قام البريطانيون ب «تحديث» حيازة الأرض بإنشاء منظومة رسمية للتوثيق.

مارست المنظمات الصهيونية ضغوطا على الحكومة البريطانية لتنفيذ مسح شامل للأراضي، من أجل المساعدة في تحديد أرض الدولة البور التي سيستطيع اليهود بناء مستوطناتهم عليها في ضوء إعلان بلفور. كذلك أيدوا تنفيذ عملية استيفاء سندات الملكية، التي كان من شأنها تدعيم إمكانية الاعتماد على حقوق الملكية للمساعدة في تسهيل شراء الأراضي ذات الملكية الخاصة. وقد كان ينظر إلى توليفة الاستحواذ اليهودي والملكية غير المتنازع عليها في الأرض في مناطق فلسطين الممتدة كوسيلة مهمة لتحقيق الصهاينة للسيادة اليهودية في فلسطين (كيدار 2001، 937-938).

قام البريطانيون:

بتنفيذ عملية استيفاء السندات على نحو انتقائي، مع التركيز على المناطق التي أعلنت رسميا «مناطق استيطان» من قبل السلطات. وقد سرت هذه التخصيصات في المقام الأول على المناطق اليهودية أو المناطق الخاضعة للنزاع بين اليهود والعرب، ولكن ليس في منطقة الجليل أو النجف العربيتين. وأدرج معظم الأراضي التي خضعت للاستيطان فيما بعد ضمن الإقليم الذي دمج داخل دولة إسرائيل. (كيدار 2001، 939)

بينما كانت التحولات في منظومة حيازة الأراضي خلال فترة الانتداب (التي شملت سياسة ترمي إلى تحجيم الحيازة اليهودية في أواخر ثلاثينيات القرن العشرين) تعد ذات أهمية في سياقها؛ فإنها تبدو باهتة أمام تلك التحولات التي حدثت منذ تأسيس السيادة الإسرائيلية؛ فبينما كان 6 بالمائة فقط من الأرض التي كان يخطط لأن تصبح دولة إسرائيل فيما بعد مملوكا للمنظمات اليهودية في عام 1947، فقد صارت بحلول ستينيات القرن العشرين تمتلك أكثر من 94 بالمائة (كيمرلينج 1983). وقد تحقق جزء كبير من هذا التحول عن طريق القوانين والتفسير القضائي لهذه القوانين (كيدار 2001). تذكر أنه كان من بين أهم عواقب حرب 1948 ظهور ثلاثة أرباع مليون لاجئ فلسطيني (ما يعادل نحو 80 بالمائة من السكان)، من خلال استخدام القوة والهروب، ومنع عودة أولئك الذين فروا إلى أماكن في مناطق خارج دولة إسرائيل إلى بيوتهم وبلداتهم وقراهم. وقد كتب حسين وماكاي في كتابهما «الدخول محظور: حقوق الفلسطينيين في الأرض في إسرائيل» (2003):

كانت الأداة القانونية الأساسية التي استخدمتها إسرائيل من أجل الاستحواذ على الأرض المملوكة للاجئين الفلسطينيين والمهجرين داخليا والسيطرة عليها، هي قانون أملاك الغائبين لعام 1950. بموجب هذا القانون، تنتقل جميع الحقوق في أي أملاك تخص أولئك المصنفين ك «غائبين» تلقائيا إلى القيم على أملاك الغائبين. وكان أي شخص يستولي على أملاك الغائبين ملزما بتسليمها إلى القيم ، وكان العجز عن القيام بذاك يشكل جريمة جنائية. (ص70)

كان تعريف «الغائب» يشمل أي مواطن فلسطيني هجر محل إقامته المعتاد، وكان من الممكن أن ينطبق هذا التعريف من الناحية الاصطلاحية على اليهود الذين تم تهجيرهم بفعل الحرب، مثلما ينطبق على العرب. ويستشهد كيدار (2003، 425) بأحد المعلقين القانونيين في قوله: «هل كان المشرعون ينتوون تطبيق هذه اللوائح أيضا على اليهود الإسرائيليين المقيمين في إسرائيل؟ لو كان مقررا أن تطبق اللوائح على العرب فقط، للزم قول ذلك بوضوح وجلاء.» ويردف كيدار: «في الواقع، احتوت اللوائح على آليات معقدة أسفرت عن الاستثناء الروتيني لليهود من وضع «الغائبين». وفي الوقت نفسه، فإن عشرات الآلاف من العرب الذين أصبحوا مواطنين إسرائيليين صاروا غائبين، بالرغم من ذلك، واكتسبوا اللقب المتناقض «غائبين حاضرين»؛ ذلك اللقب الذي طاردهم لما تبقى من حياتهم» (ص425). وقد يفهم ذلك على نحو منطقي بأنه تجسيد لمفهوم ساك عن «المساحة القابلة للإخلاء مفاهيميا» مصحوب بنزعة انتقامية.

منح القيم على الأملاك سلطات كاسحة لطرد المواطنين من الأرض، ليس لطرد المحتلين الخارجين عن القانون فقط، بل أيضا لطرد الملاك المتمتعين بالحماية؛ حيث يقرر القيم على الأملاك أن إخلاء الأرض مطلوب ل «أغراض تنمية المكان أو المنطقة الموجودة فيه». في عام 1953، قام القيم على الأملاك بنقل كل الأملاك القابلة للنقل التي تحت سلطته إلى سلطة التنمية، وكانت سلطة التنمية بدورها مخولة بحكم هيئتها التشريعية التأسيسية بنقل الأملاك التي في حوزتها إلى الدولة، أو إلى وكالات تقوم بتوطين اللاجئين الداخليين العرب، أو إلى سلطة محلية، على شرط أن يمنح الصندوق القومي اليهودي خيارا أول لشراء الأرض. خلال خمسينيات القرن العشرين وستينياته، كان يتم إرسال مفتشين تابعين للحكومة الإسرائيلية إلى القرى والبلدات الفلسطينية للمطالبة بأراضي أولئك الذين كان يمكن تصنيفهم كغائبين نيابة عن القيم. ولم يقتصر التأثير على القرى التي أخليت خلال الحرب فحسب، بل أكد القيم على الأملاك أيضا حقوقه على مساحات كبيرة من الأرض داخل المجتمعات العربية التي نجت من الحرب، واضعا نفسه موضع اللاجئين، ومؤكدا حقوقهم في الأملاك سواء كملاك فرديين أم جماعيين لقطعة أرض بعينها. (حسين وماكاي 2003، 70-73)

Unknown page