فوائد ومواعظ قال مالك بن دينار: مثل قراء هذا الزمان كمثل رجل نصب فخا ونصب فيه برة فجاء عصفور، فقال: ما غيبك في التراب؟ قال: التواضع، قال: لأي شيء انحنيت؟ قال: من طول العبادة.
قال: فما هذه البروة المنصوبة فيك؟ قال: أعددتها للصائمين، فقال: نعم الجار أنت.
فلما كان عند المغرب دنا العصفور ليأخذها فخنقه الفخ.
فقال العصفور: إن كان العباد يخنقون خنقك فلا خير في العباد اليوم، ومر والي البصر بمالك بن دينار والوالي يرفل (أي يجر ذيله ويتبختر)، فصاح به مالك: أقل من مشيتك هذه، فهم خدم الوالي بمالك، فقال: دعوه.
ثم قال: ما أراك تعرفني، فقال له مالك: ومن أعرف بك مني أما أولك فنطفة مذرة، وأما آخرك فجيفة قذرة ثم أنت بين ذلك تحمل البول والعذرة فنكس الوالي رأسه ومشى.
عن مالك بن دينار قال: قدمت من سفر لي فلما صرت بالجسر، قال العشار (الذي يأخذ العشر ضريبة): لا يخرجن أحد من السفينة ولا يقومن أحد من مكانه فأخذت ثوبي فوضعته على عنقي ثم وثبت فإذا أنا على الأرض.
فقال العشار: ما أخرجك؟ قلت: ليس معي شيء، قال: اذهب، فقلت في نفسي: هكذا الأمر الآخرة (يعني ما يحصل للمخف تعويق يوم القيامة) التعويق يحصل لأهل الأموال كل بحسبه.
وقال بعض العلماء: ما يسر العاقل أن الدنيا له منذ خلقت إلى أن تفنى يتنعم فيها حلالا لا يسأل عنه يوم القيامة، وأنه حجب عن الله عز وجل ساعة واحدة، فكيف بمن حجب أيام الدنيا وأيام الآخرة.
من أكثر ذكر الموت كفاه اليسير، ومن علم أن منطقه من عمله قل كلامه (إلا بذكر الله وحمده وشكره).
Page 37