158

Īqāẓ ulī al-himam al-ʿāliyya ilā ightinām al-ayām al-khāliya

إيقاظ أولي الهمم العالية إلى اغتنام الأيام الخالية

Genres

Sufism

فوائد وحكم ومواعظ وآداب منوعة

العلم صفة يميز المتصف بها تميزا جازما مطابقا للواقع، وله ثلاث مراتب:

المرتبة الأولى: علم اليقين أو خبر اليقين، وهو انكشاف المعلوم للقلب بحيث أنه لا يشك فيه.

المرتبة الثانية: مرتبة عين اليقين، ونسبتها للعين كنسبة الأولى للقلب.

المرتبة الثالثة: حق اليقين، وهي مباشرة المعلوم وإدراكه التام.

فالأولى: كعلمك أن في هذا البستان ماء.

والثانية: كرؤيتك إياه.

والثالثة: كالشرب منه.

ومن هذا قول حارثة أصبحت مؤمنا حقا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن لكل حق حقيقة، فما حقيقة إيمانك؟» قال: عزفت نفسي عن الدنيا وشهواتها فأسهرت ليلي واظمأت نهاري، وكأني أنظر إلى عرش ربي بارزا، وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون فيها، وإلى أهل النار يتعاوون فيها، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «عرفت فالزم، عبد نور الله الإيمان في قلبه».

مر أبو هريرة - رضي الله عنه - بسوق المدينة فوقف عليها، فقال: يا أهل السوق، ما أعجزكم؟ قالوا: وما ذاك يا أبا هريرة، قال: ميراث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقسم وأنتم هاهنا ألا تذهبون فتأخذون نصيبكم فيه؟ قالوا: وأين هو يا أبا هريرة؟ قال: في المسجد، فخرجوا سراعا ووقف أبو هريرة لهم حتى رجعوا، فقال لهم: ما لكم؟ فقالوا: يا أبا هريرة، قد أتينا المسجد فدخلنا فيه فلم نرى شيئا يقسم.

فقال لهم أبو هريرة: وما رأيت في المسجد أحدا؟ قالوا: بلى رأينا قوما يصلون، وقوما يقرؤون القرآن، وقوما يتذاكرون الحلال والحرام.

فقال لهم أبو هريرة: ويحكم فذاك ميراث محمد - صلى الله عليه وسلم -، رواه الطبراني في «الأوسط».

وعن ابن مسعود - رضي الله عنه -، قال: كيف بكم إذا لبستكم فتنة يربو فيها الصغير، ويهرم فيها الكبير، وتتخذ سنة فإن غيرت يوما، قيل: هذا منكر!!

Page 159