Iqaz Uli Himam
إيقاظ أولي الهمم العالية إلى اغتنام الأيام الخالية
Genres
وكف بصر سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -، وكان مجاب الدعوة تأتي الناس ليدعو لهم فيستفيدوا.
فقال لهم أحدهم: يا عم، إنك تدعو للناس فلو دعوت لنفسك ليرد الله عليك بصرك، فقال - رضي الله عنه -: يا بني، قضاء الله عندي أحسن من بصري، فالرضا درجته أعلى من درجة الصبر، وقلما يبلغها إلا من آتاه الله إيمانا كاملا وصبرا عظيما.
فترى الراضي مسرورا بما هو فيه سواء كان ما أصابه علة أو مرض أو فقر أو نحو ذلك؛ لأنها حدثت بمشيئة الله.
وقيل: إنه لما أصيب جيش الإسلام بعد وقعة اليرموك بالطاعون، كان المصاب به يقبل دمل الطاعون في يده ويحمد الله؛ لأنه إذا مات بالطاعون يكتسب درجة الشهادة، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «الطاعون شهادة لكل مسلم»، ومن أدعيته - صلى الله عليه وسلم -: «أسألك الرضا بالقضاء».
وقال زين العابدين: الرضا بالقضاء أرفع درجات اليقين.
طلب الخليفة من أبي حازم أن يرفع إليه حوائجه، فكت إليه هيهات رفعت حوائجي إلى من لا يختزن الحوائج، فما أعطاني منها قنعت وما أمسك عني رضيت، وقال شميط بن عجلان: يعمد أحدهم فيقرأ القرآن ويطلب العلم حتى إذا علمه أخذ الدنيا فضمها إلى صدره وحملها على رأسه.
فنظر إليه ثلاثة ضعفاء: امرأة ضعيفة، وأعرابي جاهل، وأعجمي، فقالوا: هذا أعلم بالله منا لو لم ير في الدنيا ذخيرة ما فعل هذا فرغبوا في الدنيا وجمعوها، فصار هو السبب في جمعهم لها.
وقال: رأس المؤمن دينه حيثما زال معه لا يخلفه الرجال، ولا يأمن عليه الرجال، وقال: إن الله عز وجل وسم الدنيا بالوحشة ليكون أنس المطيعين به.
وكان يقول: الناس رجلان، فمتمردن من الدنيا، ومتنعم فيها، فانظر أي الرجلين أنت، إن تطيع الله عز وجل وتحسن عبادته، وتتقرب إليه بالأعمال الصالحة فطوبى لك.
Page 117