Introduction to Sunan Al-Kubra by Al-Bayhaqi - Edited by Al-A'zami
المدخل إلى السنن الكبرى - البيهقي - ت الأعظمي
Investigator
د محمد ضياء الرحمن الأعظمي
Publisher
دار الخلفاء للكتاب الإسلامي
Publisher Location
الكويت
Genres
١٩٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أبنا الرَّبِيعُ، أبنا الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ بِالْحُكْمِ الظَّاهِرِ، فَذَكَرَ فَصْلًا طَوِيلًا فِي رَدِّ الِاجْتِهَادِ عَلَى غَيْرِ أَصْلٍ، وَذَلِكَ فِيمَا احْتَجَّ بِهِ، قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾ [المائدة: ٩٢] فَجَعَلَ النَّاسَ تَبَعًا لَهُمَا لَمْ يُهْمِلْهُمْ، وَالِاجْتِهَادُ لَيْسَ عَيْنًا قَائِمَةً، إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ يُحْدِثُهُ مِنْ نَفْسِهِ، وَلَمْ يُؤْمَرْ بِاتِّبَاعِ نَفْسِهِ، إِنَّمَا أُمِرَ بِاتِّبَاعِ غَيْرِهِ، فَإِحْدَاثُهُ عَلَى الْأَصْلَيْنِ اللَّذَيْنِ افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَوْلَى بِهِ مِنْ إِحْدَاثِهِ عَلَى غَيْرِ أَصْلٍ، وَذَكَرَ مِثَالَ ذَلِكَ الْكَعْبَةَ، مَنْ رَآهَا صَلَّى إِلَيْهَا، وَمَنْ غَابَ عَنْهَا تَوَجَّهَ إِلَيْهَا بِالدَّلَائِلِ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا الْأَصْلُ، فَإِنْ صَلَّى غَائِبًا عَنْهَا بِرَأْيِ نَفْسِهِ بِغَيْرِ اجْتِهَادٍ بِالدَّلَائِلِ عَلَيْهَا، كَانَ مُخْطِئًا، وَكَانَتْ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ، وَقَالَ ﵁: " ﴿فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾ [المائدة: ٩٥] وَالْمِثْلُ لِلْمَقْتُولِ، وَقَدْ يَكُونُ غَائِبًا، فَإِنَّمَا يَجْتَهِدُ عَلَى أَصْلِ الصَّيْدِ الْمَقْتُولِ فَيَنْظُرُ إِلَى أَقْرَبِ الْأَشْيَاءِ بِهِ شَبَهًا، فَيُهْدِيهِ، وَمِثْلُ أَذَانِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَكَانَ رَجُلًا أَعْمَى لَا يُنَادِي حَتَّى يُقَالَ لَهُ: أَصْبَحْتَ أَصْبَحْتَ، فَلَوْ جَازَ الِاجْتِهَادُ عَلَى غَيْرِ أَصْلٍ كَانَ لِابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ أَنْ يُؤَذِّنَ بِغَيْرِ إِخْبَارِ غَيْرِهِ لَهُ أَنَّ الْفَجْرَ قَدْ طَلُعَ، وَلَكِنْ لَمَّا لَمْ تَكُنْ فِيهِ آلَةُ الِاجْتِهَادِ عَلَى الْأَصْلِ لَمْ يَجُزِ اجْتِهَادُهُ ⦗١٨٢⦘ حَتَّى يُخْبِرَهُ مَنْ قَدِ اجْتَهَدَ عَلَى الْأَصْلِ، ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ سَعْدًا أَنْ يَحْكُمَ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ، فَحَكَمَ بِرَأْيهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «وَافَقْتَ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِمْ»، قِيلَ هُوَ مِثْلُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾ [آل عمران: ١٥٩] عَلَى مَعْنَى اسْتِطَابَةِ أَنْفُسِ الْمُسْتَشَارِينِ أَوِ الْمُسْتَشَارِ مِنْهُمْ، وَالرِّضَى بِالصُّلْحِ عَلَىٍ ذَلِكَ، وَوَضْعِ الْحَرْبِ بِذَلِكَ السَّبَبِ، لَا أَنَّ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَاجَةً إِلَى مَشُورَةِ أَحَدٍ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُهُ بِنَصْرِهِ، بَلْ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ الْمَنُّ وَالطَوْلُ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِهِ. فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ لَهُ «احْكُمْ» عَلَى هَذَا الْمَعْنَى. أَوْ يَكُونَ قَدْ عَلِمَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ سُنَّةً فِي مِثْلِ هَذَا، فَحَكَمَ عَلَى مِثْلِهَا، أَوْ يَحْكُمُ فَيُوَفِّقُهُ اللَّهُ لِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَيَعْرِفُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ صَوَابَ ذَلِكَ، فَيُقِرُّهُ عَلَيْهِ، أَوْ يَعْرِفُ غَيْرَ ذَلِكَ، فَيعْمَلُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي ذَلِكَ بِطَاعَةِ اللَّهِ. قَالَ: فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ أَكَلُوا الْحُوتَ بِغَيْرِ حُضُورِ النَّبِيِّ ﷺ، بِلَا أَصْلٍ عِنْدَهُمْ، يَعْنِي أَصْحَابَ أَبِي عُبَيْدَةَ، قِيلَ: لِمَوْضِعِ الضَّرُورَةِ وَالْحَاجَةِ إِلَى أَكْلِهِ عَلَى أَنَّهُمْ لَيْسُوا عَلَى يَقِينٍ مِنْ حِلِّهِ، أَلَا تَرَاهُمْ سَأَلُوا عَنْ ذَلِكَ أَوَ لَا تَرَى أَصْحَابَ أَبِي قَتَادَةَ فِي الصَّيْدِ الَّذِي صَادَهُ إِذْ لَمْ يَكُنْ بِهِمْ حَاجَةٌ إِلَى أَكْلِهِ، أَمْسَكُوا إِذْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ أَصْلٌ، حَتَّى سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ ذَلِكَ، وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ ﵁ لَهُمْ عِنْدَ هَذَا مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَبْعَثُ عُمَّالَهُ وَسَرَايَاهُ وَيأْمُرُ النَّاسَ بِطَاعَتِهِمْ وَقَدْ فَعَلُوا بِرَأْيِهِمْ، ثُمَّ أَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَأْمُرُ بِطَاعَةِ اللَّهِ ﷿، وَرَسُولِهِ ﷺ وَيأْمُرُ مَنْ أُمِّرَ عَلَيْهِ أَمِيرًا أَنْ يُطِيعُوهُ مَا أَطَاعَ اللَّهَ، فَإِذَا عَصَى اللَّهَ فَلَا طَاعَةَ لَهُ عَلَيْهِمْ، وَأَنَّهُ كَرِهَ لَهُمْ كُلَّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ بِرَأْيِ أَنْفُسِهِمْ مِنَ الْحَرْقِ وَالْقَتْلِ، وَأَبَاحَ لَهُمْ كُلَّ مَا عَمِلُوهُ مُطِيعِينَ فِيهِ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَنَا حُجَّةٌ فِي رَدِّ الِاجْتِهَادِ عَلَى غَيْرِ أَصْلٍ، إِلَّا مَا احْتَجَجْتُ بِهِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَرِهَ لَهُمْ وَنَهَاهُمْ عَنْ كُلِّ أَمَرٍ فَعَلُوهُ بِرَأْيِ أَنْفُسِهِمْ، لَكَانَ فِيهِ كِفَايةٌ
⦗١٨٣⦘
١٩٤ - قَالَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ ﵁: وَالْأَحَادِيثُ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا الشَّافِعِيُّ ﵁ مُخَرَّجَةٌ فِي كِتَابِ السُّنَنِ فِي مَوَاضِعِهَا،
١٩٥ - وَقَوْلِهِ أَمْسِكُوا يُرِيدُ بِهِ بَعْضَ مَنْ كَانَ مَعَ أَبِي قَتَادَةَ
1 / 181