من كلام العرب يدل على خلاف قوله، لأن سيبويه لم يمنع الألف واللام في هذين الحرفين من طريق القياس، وإنما منعهما كما منع أن يقال: ودع [في الماضي من يدع]، وذلك أسوغ في القياس وأولى إن كانت المراعاة في هذا لما ينساغ في القياس فقط دون ما تتكلم به العرب، ولكنهم يمتنعون من التكلم بالشيء وإن كان القياس يوجبه، ويتكلمون بالشيء وإن كان القياس يمنعه كقولهم: لم أبل، ويتبعون في الحالين لأن القصد اتباعهم وسلوك سبيلهم في كلامهم.
وأما قوله: إن أبا عمر الجرمي أجاز ذلك، فإجازة أبي عمر بغير حجة من كلام العرب كإجازة محمد بن يزيد، ولا فرق بين إجازة هذا وهذا إلا أن يأتيا بحجة، فأما باب القياس فما قلناه كاف فيه.
مسألة [٣٢]
ومن ذلك قوله في هذا الباب: إن قول العرب: أمت في حجر لا فيك، إنهم ابتدأوا بالنكرة على غير معنى المنصوب، وإنما هو شاذ ليس مثل سلام عليك، الذي فيه معنى الدعاء.
قال محمد: وهذا خلاف مذهب العرب، لأن المعنى جعل الله العوج في الحجر لا فيك، فهو على القياس وعلى معنى المنصوب المدعو به.
قال أحمد: ليس هذا على معنى الدعاء، لأن الدعاء لا وجه له في هذا الكلام، وذلك أنه نفى عنه العيب والسوء وجعله للحجر الذي هو أولى /٤٥/ بالعيب، ولو كان يدعو له بأن لا يجعل الله فيه العوج وأن يجعله للحجر لما كان مادحا له، وذلك أن الرجل إنما يمدح بما ثبت له، والدعاء فإنما هو للمستأنف لا لما ثبت. ومعنى هذا المثل، أعني قولهم: أمت في حجر لا فيك، كمعنى قول القائل: العيب لغيرك لا لك، وهذا كقولهم: العوج للحجر لا
1 / 102