منطلقا انطلقت، وهذه هي التي في قولهم: افعل هذا إما لا، أي: إن كنت لا تفعل غيره، فلم يظهروا الفعل في (إما لا) مع (ما) خاصة، وأظهروه في أكثر الكلام مع (ما).
وزعم سيبويه أن (أما) المفتوحة كثرت في كلامهم واستعملت حتى صارت كالمثل المستعمل، وليس كل حرف هكذا، كما أنه ليس كل حرف بمنزلة لم أبل ولم أك، ولكنهم حذفوا هذه لكثرة /٤٣/ الاستعمال، ومثله قولهم: إما لا، حذفوا الفعل لكثرة استعمالهم إياه حتى استغنوا عنه بهذا، فهذه الأشياء جرت في كلامهم مجرى الأمثال، ولم يحملوها على القياس، وإنما سبيل المراد لها أن يأتي من كلام العرب بما يدل على أنها قد حملتها على القياس في معنى الكلام من شعر أو مثل، وإن كان إنما رد ذلك من جهة أنه منساغ له في القول والقياس، فالباب كله منساغ فيه ذلك نحو النداء، ومرحبا وأهلا وإما لا، وكل ما ترك فيه إظهار الفعل، لأنه غير ممتنع في القياس أن يذكر الأفعال التي ترك ذكرها، فتقول أتيت مرحبا، وأتيت أهلا، أو صادفت وما أشبه ذلك من القول.
مسألة [٣٠]
ومن ذلك قوله في باب يلي هذا الباب قال: إذا قلت: ما أنت وزيدا؟ فإنما معناه ما كنت، فإذا قلت: كيف أنت وزيدا؟ فإنما معناه كيف تكون، فذكر أن (ما) لا يكون بعدها في النية إلا الفعل الواجب، ولا يكون بعد (كيف) في النية إلا ما لم يقع.
قال محمد؟ ولا أرى هذا في القياس إلا سواء، لأن حروف الاستفهام إذا كن للفعل فإنما يضمر فيهن على قدر ما كان ظاهرا، وأنت قد تقول: ما تكون وزيدا وما تصنع وزيدا؟
1 / 100