قال أحمد: لعمري إن ما بعدها يرتفع بالابتداء من قول سيبويه، علمنا ذلك وعلمه محمد بن يزيد، وهو مثل قوله في باب "ما" على لغة تميم: إذا رفعت فبالابتداء، وعلى لغة أهل الحجاز إذا نصبت الخبر فبما، وليس هذا مما يذهب على سيبويه، وعنه أخذ البصريون صغيرهم وكبيرهم ممن أتى بعده.
فأما معنى قوله: رفعت بما نصبت به، فإنما أراد رفعت مع الكلمة التي نصبت بها، وهذا تسمح يقع في اللفظ مما يجوز للقائل أن يقوله، وليس يعد مثل هذا خطأ مع علمه بمذهب قائلة /٢٣/ إلا متحامل، ألا ترى أن جماعة من أهل النحو- منهم سعيد الأخفش وغيره- يقولون في كتبهم: باب الحروف التي ترفع الأسماء والأخبار نحو قولك: هل زيد منطلق، و(هل) ليست برافعة، ولا أين إذا قلت: أين زيد ذاهب؟ وإنما أراد أن الكلام كذا.
مسألة [١٤]
ومن ذلك قوله في باب الأفعال التي تستعمل وتلغى، ذكر أنه إذا أخر ظننت وما أشبهها بعد المفعولين أو بعد أحدهما فهو مخير، إن شاء أعمل وإن شاء ألغى، وذلك أنه إن قدرها مؤخرة مثلها مقدمة لم يكن من الإعمال بد، وإن تكلم وهو يريد بالاسم الابتداء فقال: زيد، وهو متيقن ثم أدركه الشك بعد فقال: أظن منطلق، لم يعمل ظننت وقد عمل الابتداء، لأن عاملا لا يدخل على عامل، وهذا قول جميع من يوثق بعلمه، وكذلك إن قال: أين تظن زيدا؟ إذا جعل (أين) مستقرا، وإن شاء نصب، وإن قال: أين تظن زيدا قائما؟ وجعل المفعولين زيدا وقائما، "فلا بد من النصب"، لأنه ابتدأ بالفعل قبل أن يعمل بالابتداء، وأجاز سيبويه متى تظن زيد منطلق، وقال: أجيزه، لأن قبله كلاما، فألغى
1 / 73