366

Intisar

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

ووجه الاستدلال بهذه الآية: هو أن الله تعالى أوردها على جهة الامتنان علينا بما جعل فيها من المنافع لنا في الرزق واللباس وجميع أنواع المنافع العظيمة فيها، ثم إنه لم يفصل في ذلك بين الميت منها والمذكى بحال، فلو كانت نجسة لكان لا وجه للامتنان بهذا الإنعام، بل يجب تجنبها كما في غيرها من سائر النجاسات التي ورد الشرع بالتنزه عنها وإبعادها.

الحجة الثانية: قول ، فيما روت أم سلمة، قالت: سمعت رسول الله يقول: (( لا بأس بشعر الميتة وصوفها إذا غسل بالماء))(¬1). وهذا نص في مرادنا.

وقوله: (( إذا غسل بالماء)). ليس شرطا في طهارته، وإنما أراد أنه لا يكاد ينفك عن تلوثه بصديدها أو عرقها أو شيء من رطوباتها، فلهذا ندب إلى غسله، ويحتمل أن يكون واجبا لما ذكرناه، وقوله : (( إنما حرم من الميتة أكلها))(¬2). فيه دلالة على أن التحريم إنما يتناول ما يتأتى فيه الأكل، والشعر، والصوف، والقرن، والضلف لا يتأتى فيه الأكل، فلهذا لم يكن التحريم متناولا له.

الحجة الثالثة: قياسية، وهي أن جواز الانتفاع غير موقوف على حصول الذكاة، فوجب أن يكون حكمه بعد الموت مثل حكمه قبله، دليله: البيض والولد.

المذهب الثاني: أنها نجسة، وهذا هو رأي الشافعي.

والحجة له على ذلك: الآية والخبر الدالان على تحريم الميتة، كقوله تعالى: {حرمت عليكم الميتة}[المائدة:3]. وقوله : (( لا تنتفعوا من الميتة بشيء)). فهذان دالان على المنع من استعمال الميتة و[على] نجاستها وهذا هو مقصودنا.

Page 373