Intisar
الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197
Genres
فأما النص: فهو اللفظ الذي لا يحتمل التأويل بحال قريبا كان أو بعيدا، وهذا كقوله تعالى: {وإلهكم إله واحد} [البقرة: 163] وغير ذلك مما لا يحتمل سوى معناه الموضوع من أجله.
وقد حكي عن بعض المتفقهة: إنكاره، وأنه لا يكاد يوجد، وأظنه أبا علي الطبري (¬1) من أصحاب الشافعي، وهو فاسد(¬2)، فإنا لا نريد بالنص: ما كان الاحتمال منتفيا عنه من جميع الوجوه، وإنما نريد به: ما لا يحتمل التأويل في المعنى الذي هو صريح فيه. وقد تكون الآية الواحدة مشتملة على النص والظاهر والمجمل. ومثاله قوله تعالى:{أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة}(¬3).[البقرة:43، 83، 110] فإنهما نص في مطلق الطلب لما أمره به، وهما ظاهران في الوجوب؛ لأنه يحتمل غيره، وهما مجملان في كيفية المأمور بها.
فما كان منصوصا عليه لا يجوز العدول عنه إلا بأمر ينسخه أو يعارضه.
وأما الظاهر: فهو ما كان محتملا لأمرين: أحدهما أسبق إلى الفهم من الآخر.
فما كان له ظاهر في اللغة فإنه يحمل على ظاهره إلا لدلالة، وهذا كقوله تعالى: {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء}[ البقرة: 228]. فإنه ظاهر في كل مطلقة لغة، لكنا أخرجنا الآيسة من الحيض لصغر أو كبر، والحامل والمرتدة.
وما كان ظاهرا بالشرع، فإنه يحمل على ظاهره شرعا إلا لدلالة، وهذا نحو الصلاة، فإنها تحمل عند الإطلاق على ظاهرها الشرعي إلا لدلالة؛ لأنها صارت ظاهرة في معناها الشرعي، فلا تصرف عنه إلا لأمر يقتضيه ويدل عليه، فلا تحمل الصلاة على الدعاء إلا لدلالة خاصة، وهكذا القول في الصوم وغيره، تحمل على معانيها الشرعية عند إطلاقها.
وأما المجمل: فهو الذي لا يفهم المراد من لفظه ويفتقر في البيان إلى غيره. ثم هو على وجهين:
Page 138