طريقتهم (^١)، وبيَّنوا لنا (^٢) سبيلَهم ومذهبَهم، ونرجو أن يجعلنا الله تعالى ممَّن اقتدى بهم في بيان ما بيَّنوه، وسلوك الطريق الذي سلكوه.
والدليلُ على أن مذهبهم ما ذكرناه: أنهم نقلوا إلينا القرآن العظيم وأخبارَ رسول الله ﷺ نقلَ مُصَدِّقٍ لها، مؤمنٍ بها، قابلٍ لها، غير مرتابٍ فيها ولا شاكٍّ في صدق قائلها، ولم يفسِّروا ما يتعلقُ بالصفات منها، ولا تأوَّلوه، ولا شبَّهوه بصفات المخلوقين؛ إذ لو فعلوا شيئًا من ذلك لنُقِل عنهم ولم يَجُزْ أن يُكْتَم بالكليَّة؛ إذ لا يجوز التواطؤُ على كتمان ما يُحْتاجُ إلى نقله ومعرفته؛ لجريان ذلك في القُبْحِ مجرى التواطؤ على نقل الكذب وفِعْل ما لا يحلُّ.
بل بلغ من مبالغتهم في السكوت عن هذا أنهم كانوا إذا رأوا من يَسأل عن المتشابه بالغوا في كَفِّه، تارةً بالقول العنيف، وتارةً بالضرب، وتارةً بالإعراض الدالِّ على شدَّة الكراهة لمسألته (^٣).
ولذلك لمَّا بلغ عمرَ ﵁ أن صَبِيغًا (^٤) يَسأل عن المتشابه أعَدَّ له عَراجِينَ النخل (^٥)، فبينما عمر يخطبُ قام فسأله عن ﴿وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا (١)
_________
(^١). (ذ): «طريقهم».
(^٢). (ذ): «لهم».
(^٣). «ذم التأويل» (٨، ٩).
(^٤). صَبِيغ بن عِسْل التميمي، أخباره في «تاريخ دمشق» (٢٣/ ٤٠٨)، و«الإصابة» (٥/ ٣٠٥).
(^٥). عُرْجُون النخل: العِذْق الذي يحمل الثمر، إذا جفَّ ويبس.
1 / 5