منهج التحقيق
سرتُ في تحقيق الكتاب سيرتي في ما حققتُ من قبل، من معارضة النصِّ بالأصل الخطي، وقراءته على مُكث، وضبط مظانِّ اللحن ومواضع الإشكال، ولم أخالف الأصل إلى غيره إلا حيث ترجَّح لي خطؤه وتحريفه، وذكرتُ في الحاشية ما وقع في الأصل لأشرك القارئ في التأمل والتخيُّر ولا أستبدَّ بالرأي دونه، وما تردَّدتُ فيه تركته على حاله مع التنبيه عليه في الحاشية كذلك، ورفوتُ ما ظننت سقوطه من الأصل بزياداتٍ تقديرية يلتئم بها نظمُ الكلام وجعلت ما زدته بين معكوفين، وقد كلفني جميع ذلك رهقًا، واستعنتُ عليه بتدبر المعنى ومراعاة السياق ومراجعة كلام المصنف وغيره في مظانه وغير مظانه.
وحرصتُ على وصل مسائل الكتاب بنظائرها في كتب المصنف برباطٍ وثيقٍ يزكِّي الثقة بها ويدني قصيَّها لمن رام جمع كلامه فيها.
ثم وثقتُ نقوله، وشرحتُ إشاراته، وخرجتُ أحاديثه وآثاره وحكمتُ عليها بما تقتضيه أصول صناعة الحديث بأوجز عبارة سوى موضع غلبني عليه الحنينُ إلى التخصُّص، وترجمتُ من أعلامه وفسَّرتُ من ألفاظه ما قدَّرتُ أن فيه إعانةً للقارئ على الإحاطة بما يقرأ، وعلَّقتُ على مواضع من الكتاب بما حسبتُ فيه فائدة وإضافة، ولم أسرف في ذلك إن شاء الله.
وأسأل الله أن يعيذنا من فتنة القول وفتنة العمل، ويهدينا للتي هي أقوم، ويسلُك بنا مدارجَ رضاه، وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.
المقدمة / 48