وقال: «أمي، هذا مستحيل حقا. أرجوك لا تطلبي ذلك مني مجددا. على أي حال، أعلم أن أبي هو من يريدني أن أظل هنا وليس أنت. أخمن أنه يريد أداء واجبه. لكني أعتقد أن ما يريد قوله يمكن أن ينتظر إلى الغد. إذا أراد أن يفرغ بعض ما يشعر به بشأن المقامرة، فليوجه جهوده إلى المكان الصحيح، ليتحدث إلى جول هاموند، لكن خارج ساعات العمل.»
قالت: «لا يمكن أن يكون ما تقصده أن رجل أعمال ومصرفيا موقرا مثل السيد هاموند يقامر؟»
قال: «أهكذا تظنين؟ بل السيد هاموند مقامر عتيد. إنه أفضل رجال الأعمال وأكثرهم حزما في المدينة من التاسعة إلى الثالثة. وإذا حدثته عن نادي ترو بلو الرياضي خلال تلك الفترة، فلن يعرف عم تتكلمين. لكنه بعد الثالثة سيراهن على أي شيء يخطر بالبال، بدءا من لعبة مطابقة البنسات وحتى المراهنة على فرس سباق مجهول.»
تنهدت السيدة سوندرز. وشعرت أن من الواضح أن ابنها يخوض غمار عالم شرير لكسب عيشه.
واصل الابن كلامه: «والآن يا أمي، علي أن أنصرف. سأمكث في المنزل ليلة الغد وأتلقى التوبيخ كالرجال. طابت ليلتك.»
قبلها وانصرف على الفور قبل أن تقول شيئا آخر، وتركها جالسة وقد عقدت يديها وتنتظر مجيء زوجها بصبرها المعتاد وشيء من التوجس. ثم جاء وقع أقدام ثقيل لم تخطئه السيدة سوندرز. فابتسمت في أسى وهي تسمعه، وتذكرت قول ديك ذات مرة إنه حتى ولو كان على أبواب الجنة لظل وقع أقدام أبيه يبعث في نفسه الرعب. وتذكرت أنها وبخته حينئذ على الشطط في هذا القول، لكنه علق بذاكرتها، وظلت تسترجعه كلما أوشكت رياح المتاعب على الهبوب، ولم تفتأ رياحها تهب.
قال العجوز أول ما قال: «أين ريتشارد؟ ألم يعد إلى المنزل بعد؟»
قالت: «كان في المنزل، لكنه اضطر إلى الخروج ثانية. كان مرتبطا بموعد.»
قال: «ألم تقولي له إني أردت الحديث معه؟»
ردت: «بلى، وقال إنه سيظل في المنزل ليلة الغد.»
Unknown page