Intikasat Muslimin
انتكاسة المسلمين إلى الوثنية: التشخيص قبل الإصلاح
Genres
نتابع الحوار الهام مع القطب الإخواني العلم عبد المنعم أبي الفتوح؛ فالحوار مع الإخوان لا يمل رغم ملل ما يقولون ويرددون، يقول أبو الفتوح: «إن كل الشعارات التي رفعتها البشرية سواء الحرية أم احترام حقوق الإنسان أم العدالة هي نفسها مبادئ الإسلام، إلا أن الإسلام يحول هذه المبادئ إلى دين يتعبد به الإنسان إلى ربه بالالتزام بهذه المبادئ.»
هؤلاء القوم يكذبون وهم يعلمون أنهم وايم الله لشر الكذابين، وعندما يكذبون فيما يتعلق بمصير أمم وشعوب فإن هذا الكذب يكون جريمة خيانة عظمى للوطن والناس والأمة في صفقة مع الشياطين لا تستحي ولا تخزى، وعندما يكذبون بالدين وعلى الدين فعلينا فورا أن نفهم أن الدين ليس غرضا لهم بالمرة، بل هي شهوة السيادة والسلطان وحدها.
والآن لنكشف معا هذا الكذوب الشرير على أمته وناسه ودينه ومستقبل بلاده، ولننشر له زيفه على الملأ بادئين بسؤاله: إذا كانت شعارات الإنسانية كالحرية وحقوق الإنسان والعدالة، معروفة كمبادئ للإسلام، قبل أن تعرفها البشرية بقرون طوال، فهلا قدم لنا شيئا من القرآن أو السنة يؤكد هذا الذي قال. الحرية في الإسلام هي ألا تكون عبدا تباع وتشترى ليس أكثر ولا أبعد من ذلك مليمترا واحدا، أو ليرد علينا بالفقه والشريعة والحديث والقرآن ما نقول هنا إن استطاع، ولن يستطيع لأننا مع قارئنا لا نقول إلا صدقا ولا نفتري كذبا لأننا لا نرتزق ولا نريد سلطانا، ولأننا نسكر حبا بهذا الوطن وناسه، ولا نقف إلا على أرض صلبة من المراجع والمصادر الأمهات، أما هم فيكذبون ويقبضون طوال الوقت دونما سند من حديث أو قرآن أو شرع أو فقه.
أي حقوق إنسان ضمن مبادئ الإسلام؟ إن حقوق الإنسان هي آخر ما وصلت إليه البشرية في رقيها الأخلاقي بعد حروب طاحنة، أوجبت التواضع بين البشرية على مبادئ حقوقية مقدسة للإنسان أيا كان لونه أو دينه أو جنسه، وهو ما دفع الدولة المدنية إلى مزيد من الحريات والانطلاق الفكري والعلمي إلى أقصاه، ولم يتم ذلك إلا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وإقرار مواثيق جنيف وقيام هيئة الأمم المتحدة.
إن القول بحقوق إنسان يفترض مساواة تامة ومطلقة بين أفراد المجتمع دون تمييز بينهم لأي سبب أرضي أو سماوي، لا بسبب عنصر، ولا طائفة، ولا دين، ولا جنس، إنما يتميزون بالحقوق المتساوية لأنهم بشر يستحقون هذا المستوى الحقوقي الواضح الراقي غير الملتبس.
هذا بينما المساواة مسألة لا وجود لها بالمطلق في إسلامنا، فإسلامنا يفرق أولا بين المسلم وغير المسلم في البلد الواحد ولكل منهما حقوق وواجبات غير الآخر، ويفرق بين السيد والعبد، وبين العربي الحاكم السيد وبين المحكومين، إن كانوا من غير العرب فهم إما أهل ذمة أو موال وهم من أسلم منهم، والموالي هم العبيد، وأهل الذمة أدنى منهم درجة، وبين الرجل والمرأة، وبين القرشي وبقية العرب، وبين المضري والحضري، وبين العدناني والقحطاني، لكل حقوق وواجبات غير الآخر؛ فالحر بالحر، والعبد بالعبد، والأنثى بالأنثى، وقد قسم الخليفة عمر الأعطيات القادمة من البلاد المفتوحة على العرب، بعد أن كلف هيئة من النسابة تضع الناس في منازلهم رتبا؛ فالمهاجرون غير الأنصار، وأهل بدر غير بقية المسلمين، وكذلك آل البيت، والهاشمي غير كل قرشي، والمرأة غير الرجل، فكان نصيب كل منهم حسب رتبته يختلف عن نصيب وحقوق الفئة الأخرى.
كان هناك إفراط في التراتبية الطبقية في وضع الناس رتبا ومنازل وطبقات وبيوتا، ومن ثم لا يصح الحديث عن أسنان المشط سوى بحسبانها لونا من الكلام الجميل الذي لم يجد طريقه إلى الواقع ولو مرة واحدة، ودون مساواة لا مجال للحديث عن حقوق إنسان. لقد كانت دولة الخلافة دولة من لهم كل الحقوق يحكمون من عليهم كل الواجبات!
وهل من حقوق الإنسان ومن معاني الحرية الاتجار بالبشر واستعبادهم في الحروب، وركوب نساء المهزوم وهتك عرض غير المسلم، وترى هل يتعبد أبو الفتوح وإخوانه لربهم بمثل هذه المبادئ؟
المهم يختمها عبد المنعم أبو الفتوح بشرح مطول لقول حسن البنا: «أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقم على أرضكم»، ويظل يشرح ويفصل كما لو كان بصدد شرح نص قدسي، حتى تكاد تفهم أن أرضنا اليوم ليس فيها دولة، وأن على الجميع تهيئة هذه الأرض لقيام الدولة.
إذا لم يكن القول: «أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم، تقم على أرضكم» أية قرآنية ولم يكن حديثا نبويا، فكيف جاز لأبي الفتوح أن يبني عليه كل شروحه تهيئة لدولته المنتظرة التي يصفها بأنها إسلامية؟ فإذا كانت إسلامية وكانت دولة فلماذا لم يقلها الله ولا نبيه ولا حتى أحد من صحابته ولا تابعيه ولا تابعي تابعيه.
Unknown page