Insights into Islamic Culture
لمحات في الثقافة الإسلامية
Publisher
مؤسسة الرسالة
Edition Number
الخامسة عشرة ١٤٢٥ هـ
Publication Year
٢٠٠٤ م
Genres
وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ﴾ ١.
ولهذا التوجيه الإلهي لرسول الله ﷺ في حسم الجدال مع هؤلاء الضالين أثر بالغ في قطع دابر اللجاج والمحاجة بالباطل، وهو أصيل في المنهج الإلهي الراشد عريق فيه.. ويشير القرآن الكريم إلى ذلك فيما أخبر به عن إبراهيم ﵇.. وفي ذلك يقول ﷿:
﴿وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ، وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ ٢.
ب- ثم يعالج القرآن في الآيات الكريمة صورة أخرى من صور الدعاوى الباطلة التي كان اليهود والنصارى يدعونها، مقررًا أنهم في ذلك كاذبون مفترون.. يجادلون كذلك بالباطل ويكتمون شهادة الحق، ويخالفون الحقيقة الجلية التي يعرفونها، والواقع المشهود الذي لا سبيل إلى إنكاره.. إن القرآن الكريم ينكر عليهم دعواهم أن إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط كانوا على ملتهم: إما اليهودية وإما النصرانية.. وقد أخبر الله تعالى أنهم لم يكونوا هودا ولا نصارى، ولقد كانوا أسبق من اليهودية والنصرانية، والله يشهد بحقيقة دينهم، وأنهم كانوا على الحنيفية الأولى التي لا تشرك بالله شيئًا.. كما قال تعالى:
﴿مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا
١ البقرة: "١٣٩". ٢ الأنعام: "٨٠-٨١".
1 / 135