القردي :
ومن يمكنه أن يرسم تخوم النوع والعلماء لا يكادون يتفقون على شيء منه؟
الآدمي :
أويكون الجهل في أصل شيء أو في علته حجة في إنكار وجوده؟ أفنفقه ما للعلائم الجوية والأرضية من الأسباب والعلائق ونحن مع ذلك لا ننكر وجودها؟ إنا نعلم أن المولود من قران الفرس والحمار لا يكون إلا عاقرا، فنقول: لا بد من فرق نوعي في مولده، أفجهلنا في رسم حدوده يمكننا من إنكار وجوده؟
القردي :
إلا أني أعرف من أصحابكم من يقول بإمكانية مذهب التحول.
الآدمي :
لا نجهل أن البعض من أصحاب الإيمان يحبون أن يوفقوا بين التحول والإيمان، فيقولون: إن الله سبحانه قد جبل آدم من تراب قد عركه كثير من المولدين من الخازباز إلى آخر حيوان ذي أربعة قوائم، فأخذ الله هذا الحيوان الأخير من السلسلة المتحولة، وهو القرد، ونفخ فيه النفس البشرية، وعليه فيكون آدم نتاج عمل محول وخالق معا. وأبين لك في غير مفاوضة كيف يعمه هؤلاء في الضلال ... ومن العجيب كيف لا يفقهون أن هذا المذهب إنما تنفيه الفلسفة نفسها كما سبق بيانه.
القردي :
أوهل تنفيه الفلسفة لو افترضنا تدخل الله عند انتقال كل من الأنواع كما تدخل عند خلق الإنسان؟
Unknown page