التكليف والحرية
من شروط التكليف طاعة وحرية.
وهذه بديهية يغفل عنها كثير من المجادلين في قضية القدر، وفي قضية الإيمان، وفي قضية التكليف والجزاء، فيقصرون النظر على شرط الحرية، ويهملون شرط الطاعة كأنه مناقض للجزاء، وكأنه من اللازم عقلا أن يكون الجزاء مقرونا بالحرية المطلقة، وهي في ذاتها استحالة عقلية بكل احتمال يخطر على البال في فهم خلق الإنسان؛ فمن بحث عن الإيمان بالتكليف غير ناظر إلى شرط «الطاعة»، فلا جرم يضل عنه ولا ينتهي فيه إلى قرار؛ لأنه يبحث عن شيء آخر ولا يبحث عن التكليف ولا عن الإيمان.
في القرآن خطاب متكرر إلى العقل، وبيان متكرر لحساب الإنسان العاقل على الخير والشر، مع إسناد الإرادة إليه في استحقاقه للثواب والعقاب.
وفيه آيات صريحة تسند الإرادة إلى الله، وتقرر أنه - سبحانه وتعالى - هو الخالق المقدر الذي يقدر الهداية والضلال، ويعطي كل شيء خلقه ويهديه، وهي آيات كثيرة مقصودة بالتكرار، وإن لم تبلغ في الكثرة عدد آيات الخطاب والتكليف، وآيات التذكير بالعقل والنظر والتمييز والتفكير.
فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم (البقرة: 213).
قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين كما بدأكم تعودون * فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة (الأعراف: 29، 30).
سبح اسم ربك الأعلى * الذي خلق فسوى * والذي قدر فهدى (الأعلى: 1-3).
وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم (إبراهيم: 4).
يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء (إبراهيم: 27). •••
Unknown page