١- فقسم غلوا في شأن الكرامة وأفرطوا وتجاوزوا فيها الحد وهم المتصوفة حيث ادَّعوا باسم الكرامة للأولياء ما هو من خصائص الله وحده؛ كقول بعضهم: إنَّ لله عبادًا لو شاءوا من الله ألا يقيم القيامة لما أقامها، وقول بعضهم: إنَّه يعطى في أيّ شيء أراده قول كن فيكون، وقول بعضهم: لا يعزب عن قدرته ممكن كما لا يعزب عن قدرة ربه محال إلى غير ذلك من الضلالات الواضحة والكفريات الظاهرة، التي يدَّعيها هؤلاء باسم الكرامة.
٢- قسم جفوا في شأنها وفرَّطوا، فقالوا بإنكار الكرامة، ونفوا وقوعها وهم المعتزلة ومن تأثر بهم وزعموا أنَّ الخوارق لو جاز ظهورها من الأولياء لالتبس النبي بغيره إذ فرق ما بينهما عندهم إنَّما هو المعجزة، وبنوا على ذلك أنَّه لا يجوز ظهور خارق إلا لنبيّ.
٣- قسم أهل وسط واعتدال، وهم الخيار العدول؛ لتوسطهم بين الطرفين المذمومين، حيث ارتفعوا عن تقصير المفرطين، ولم يلحقوا بغلو المعتدين، وهم أهل السنة والجماعة، فأثبتوا الكرامات للأولياء على ضوء النصوص ووَفْقِ الأدلةِ دون غلو أو جفاء أو إفراط أو تفريط. وفي هذا الموضوع المهمّ كتب الإمام الصنعاني ﵀ هذه الرسالة التي بين أيدينا والتي أسماها (الإنصاف في حقيقة الأولياء وما لهم من الكرامات والألطاف) صنفها ﵀ ردًّا على عصري له غلا في شأن الأولياء وكرامتهم، وادَّعى أنَّ لهم ما يريدون، وأنهم يقولون للشيء كن فيكون، وأنَّهم يخرجون من القبور لقضاء الحاجات، وأنَّهم في قبورهم يأكلون ويشربون وينكحون، إلى أمور أخرى عجيبة تمجُّها الأسماع، وتقذفها الأفهام، وينكرها من لديه بالشرع أدنى اطلاعة أو إلمام.
1 / 6