إلى إخواننا المسيحيين من بلغار وصرب ويونان وألبان وغيرهم
قد مضى نصف قرن على الممالك الصغيرة المحدقة بمقدونيا - ونعني بها بلغاريا واليونان والصرب - وهي تزعم أنها تسعى في مساعدتكم وإنقاذكم من ظلم العثمانيين. فإذا صدقت في إنقاذكم من ذلك الظلم فلكي تبتلعكم وتضمكم لنفسها، فهي لذلك تبث روح الشقاق بيننا وبينكم حتى جرت الدماء أنهرا. فيا إخواننا أبناء الوطن، قد آن لكم أن تستفيقوا وتعلموا أن تلك الحكومات إنما هي طامعة في بلادكم، واعلموا أن هذه الأمنية لن ينالها أولئك الطامعون، فسنبذل أرواحنا دونها. إننا نعترف لكم بفساد الحكومة العثمانية الآن، وحق لكم أن تشكوا منها، ونحن أيضا نشكو نفس الشكوى، وقد قمنا لإصلاحها بأيدينا. وأول أسباب ذلك الإصلاح اتحاد العناصر العثمانية من ترك وبلغار وروم وألبان، ومن أجل ذلك أسست جمعية الاتحاد والترقي العثمانية، وأعضاؤها هم أمراء العسكرية وضباطها والمأمورون الملكيون، وكلهم من خيرة رجال الشرف، يبذلون كل مرتخص وغال في سبيل هذا الوطن. ومقصد الجمعية الأول هو الحرية وصون الأعراض والأرواح والأموال لكل العناصر، وتغيير شكل الإدارة، فتستعيض بالشورى عن الاستبداد. فلندع الأفكار القديمة والآراء الفاسدة ولنتحد جميعا. فلتتحدوا معنا في طلب الدستور والمساواة ... إلخ ... إلخ.
فلما فرغ الكاتب من تلاوة هذه الخلاصة قال الرئيس: «اقرأ علينا خلاصة المنشور الذي سيوزع على الدول الأجنبية (إلا روسيا)»، فقرأ:
سيدي
إن الحال التي بات فيها القسم المهم من وطننا وهو مقدونيا، والرغبة في إصلاحها وإعداد مستقبلها، حملنا على عرض السطور الآتية على مقامكم الرفيع مع كل إعظام. وقصدنا من ذلك هو إظهار الحق في مسألة مقدونيا وخلاص الدول الأوروبية من مزاحمة لا طائل تحتها.
إن مساعي أوروبا في إصلاح مقدونيا لم تنته بنتيجة ولم تغير الأحوال بوجه من الوجوه، بل هي انقلبت إلى ما هو أسوأ، وكثرت القلاقل واستولى ارتباك عام على كل أنحاء المملكة.
إن أصل هذا الفساد طمع روسيا في مقدونيا كما يشهد بذلك تاريخها الماضي، ونحن نأسف لأن دول أوروبا تسايرها. وقد اختلقوا مسألة ظلم المسيحيين فيها وأنهم تعساء تحت سلطة المسلمين، مع أنه ليس بمقدونيا تعصب إسلامي. نحن نقول قبل كل الناس إن سكان مقدونيا ليسوا في الرفاه المطلوب، وآراؤنا متفقة من هذه الوجهة مع أوروبا، إلا أن اختلافنا هو تعيين منشأ هذه العلة، وفي اتخاذ الوسائل الناجحة لعلاجها، فنكبات مقدونيا ليست ناشئة منها، وقد عم أمثالها الولايات التي تتألف منها المملكة العثمانية لا مقدونيا وحدها، وسببها هو استبداد الحكومة الحاضرة. والشيء الذي آل بالبلاد إلى هذه الحال التي لا تطاق هو فقدان الحرية العثمانية ملكية وسياسية.
فإن كانت أوروبا تريد حقيقة أن تسعد المقدونيين، فيجب أن تعينهم على إزالة الاستبداد الحاضر ليسعد العثمانيون عامة ويسعد معهم المقدونيون، لأن مرض مقدونيا هو مرض تركيا كلها، وسيزول بهمة أبنائها.
فإن كانت أوروبا تريد إصلاح أحوالنا إكراما للإنسانية، فعليها ألا تتعرض لما نريده من الإصلاح، وأن تضيق على الأستانة لتضع حدا للاستبداد، أو تتركنا وشأننا ندبر أمورنا ونصلح شئوننا. ولا رائد لنا غير الحق والعدل لهدم صروح الظلم. وقد قدمت نسخة من هذا البيان لقناصل الدول إلا روسيا ... إلخ.
ثم تقرر أن يعطى البيان الأول إلى سعيد بك ليتولى ترجمته إلى اللغات البلغارية والصربية واليونانية، ويكتب منه نسخا يفرقها في القبائل والعصابات سرا، وأن يعهد في أمر البيان الثاني إلى رامز ليكتب منه نسخا بالفرنسية ويقدمه إلى قناصل الدول. ثم ارفضت الجلسة وقلوب الأعضاء مملوءة آمالا وحمية.
Unknown page