ﷺ فقال: يا رسول الله، إنْ قُتِلتُ في سبيل الله صابرًا محتسبًا، مُقْبِلًا غير مُدبرٍ، يُكفِّر الله عَنِّي خطاياي؟ فقال رسول الله ﷺ: «نعم»، فلمَّا أدْبَرَ الرجل، ناداه رسول الله ﷺ -أو: أمر به فنودي له- فقال رسول الله ﷺ: «كيف قُلْت»؟ فأعاد عليه قوله، فقال: «نعم، إلاّ الدَّيْن، كذلك قال لي جبريل» .
وخرَّج مسلم (١) عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله ﷺ قال: «يُغفر للشهداء كُلُّ ذنب، إلاَّ الدَّيْن» .
وقد جاء في أمر الدَّيْن تشديد كثير غير هذا؛ فأقول:
إنّ تعلق المأثم بالدَّين، إنما يكون حيث التقصيرُ المُتْلِفُ لذلك الحقِّ، إمَّا بالمَطْل أو بالجحود، أو ترك أن يوصي به، وإمَّا أن يَدَّانَ في غير الواجب، وهو ممنَّ لا يقدر على الأداء، وما أشبه ذلك.
وللمِدْيان عند إرادة الغزو حالان: مَلاَءٌ أو عَدمٌ.
فأما المليء، فإن كان حلَّ دينه، فالظاهر أنه لا يجوز أن يغزو بغير إذن صاحب الحَقّ، فإن كان دينه لم يحلَّ بعد، فهذا له أن يغزو (٢)، وعليه أن يوكِّل من يقضيه عنه عند حلوله، والدليل على ذلك أنَّ من كان مليئًا، وقد حلَّ الحقُّ عليه،