303

Injad Fi Abwab Jihad

الإنجاد في أبواب الجهاد وتفصيل فرائضه وسننه وذكر جمل من آدابه ولواحق أحكامه

Investigator

(مشهور بن حسن آل سلمان ومحمد بن زكريا أبو غازي) (ضبط نصه وعلق عليه ووثق نصوصه وخرج أحاديثه وآثاره)

Publisher

دار الإمام مالك

Publisher Location

مؤسسة الريان

Genres

Law
أن قتل كعب بن الأشرف قد كان وجب -لما آذى الله ورسوله- وجوب الحدود التي لا تندفع بالتأمين، بل يجب إقامتها بكلِّ سبيلٍ، ولهذا نبَّه عليه بقوله ﷺ: «فإنه قد آذى الله ورسوله»، ويقال: كان كعب -لعنه الله- ممن لهج بسب رسول الله ﷺ وهجائه، وفاعل ذلك يُقتل على كل حال، سواءٌ كان يُظهر الإسلام ويدَّعيه، أو كان كافرًا مستأمنًا، لا يعصمه شيء من ذلك عن القتل، إلا أن يُبادر فيُسلم إن كان كافرًا (١)، ويُروى نحو هذا أو بعضه عن الطبري، وقيل: إنه نقض
عهد النبي ﷺ وهجاه وسبَّه، وكان عاهد أن لا يُعين عليه أحدًا، فجاءه مع أهل الحرب معينًا عليه، فوجب أن يُغْتالَ كالحكم فيمن نقض وقاتل، وإليه ذهب المازري (٢)،

(١) قال شيخ الإسلام ابن تيمية في «الصارم المسلول على شاتم الرسول» (٣/٧٦٨-٧٦٩ -تحقيق: الحلواني وشودري) في ذكره طرق الاستدلال على تحتّم قتل الذمي والمسلم الساب، في قوله ﷺ: «من لكعب بن الأشرف، فإنه قد آذى الله ورسوله؟»، قال:
«وقد كان معاهدًا قبل ذلك، ثم هجا رسول الله ﷺ، وقتله الصحابة غيلة بأمر رسول الله ﷺ مع كونه قد أمّنهم على دمه وماله؛ لاعتقاده بقاء العهد، ولأنهم جاؤوه مجيء من قد آمنه، ولو كان كعب بمنزلة كافرٍ محاربٍ فقط لم يجز قتله إذا أمّنهم كما تقدم؛ لأن الحربي إذا قلت له، أو عملتَ معه، ما يعتقد أنه أمانٌ؛ صار له أمانٌ، وكذلك كل من يجوز أمانه، فعلم أن هجاءه للنبي ﷺ وأذاه لله -تعالى- ورسوله؛ لا ينعقد معه أمانٌ ولا عهدٌ، وذلك دليلٌ على أن قتله حدٌّ من الحدود؛ كقتل قاطع الطريق، إذ ذلك يقتل وإن أُومِن كما يقتل الزاني والمرتد وإن أُومِن، وكل حدٍّ وجب على الذمي فإنه لا يسقط بالإسلام وفاقًا» . اهـ
ومعلوم أن كعب بن الأشرف كان له هُدنةٌ. قال السبكي في «السيف المسلول على من سبّ الرسول» (ص ٢٩٤): «ومن ادعى أنه كان حربيًا؛ فلا علم له، هذا متفق عليه بين أهل السِّير» . وانظر: «الأم» (٤/١٩٩- كتاب الجزية) .
وقال السهيلي: «في قصة كعب بن الأشرف قتل المعاهد إذا سبَّ الشارع، خلافًا لأبي حنيفة»، لكن اعترض عليه الحافظ في «الفتح» (٧/٣٤٠) بأنَّ كعب بن الأشرف كان محاربًا، استدلالًا منه بتراجم البخاري، ويعارض هذا الاعتراض بما نقلناه عن السبكي من اتفاق أهل السير على أنه كان موادعًا.
(٢) انظر: «المعلم بفوائد مسلم» (٣/٢٩ رقم ٨٤٨) للمازري، «إكمال المعلم» للقاضي عياض (٦/١٧٦) .

1 / 314