عدد المشركين من الزيادة على الضِّعف ما بَلَغ، وهو قول محمد بن الحسن، وسائر أصحاب أبي حنيفة (١) .
ودليل هؤلاء: ما خرَّجه الترمذيُّ، وأبو داود، كلاهما عن ابن عباسٍ، عن النبي ﷺ قال: «خير الصحابة أربعة، وخير السَّرايا أربع مئة، وخير الجيوش أربعة الآف، ولن يُغلب اثنا عَشَرَ ألفًا من قِلَّة» (٢) . قال فيه الترمذي: «حسن
غريب» .
(١) انظر: «شرح السير الكبير» (١/٨٩)، «أحكام القرآن» (٤/٢٢٧) للجصاص، «الفتاوى الهندية» (٢/١٩٣) .
وقال ابن القاسم: «.. وإن بلغ عدد المسلمين اثني عشر ألفًا؛ لا يجوز التولي، وإن كان العدد زائدًا على الضعف» [«الذخيرة» (٣/٤١١)] .
(٢) أخرجه عبد بن حميد (٦٥٢)، وأبو داود (٢٦١١)، والترمذي (١٥٥٥)، وأحمد (١/ ٢٩٤)، وأبو يعلى (٢٥٨٧)، وابن خزيمة (٢٥٣٨)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (١/٢٣٨)، وابن حبان (٤٧١٧)، والحاكم (١/٤٤٣ و٢/١٠١)، والبيهقي (٩/١٥٦)، ومحمد بن مخلد في «المنتقى من حديثه» (٢/٣/٢)؛ من طرق عن وهب بن جرير، حدثنا أبي، قال: سمعت يونس يحدث عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس، مرفوعًا.
وقد اختلف في وصله وإرساله، قال أبو داود: «الصحيح أنه مرسل»، وقال الترمذي: «هذا حديث حسن غريب، لا يسنده كبير أحد غير جرير بن حازم، وإنما روي هذا الحديث عن الزهري عن النبي ﷺ مرسلًا»، وقال أبو حاتم الرازي -كما في «العلل» لابنه (١/٣٤٧) -: «مرسل أشبه، لا يحتمل هذا الكلام أن يكون كلام النبي ﷺ» .
وقال الحاكم: «صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه؛ لخلاف بين الناقلين فيه عن الزهري»، ووافقه الذهبي، وقال البيهقي: «تفرد به جرير بن حازم موصولًا»، وتعقبه ابن التركماني بقوله: «هذا ممنوع؛ لأن جريرًا ثقة، وقد زاد في الإسناد فيقبل قوله، كيف وقد تابعه عليه غيره»، وقال المناوي في «فيض القدر» (٣/٤٧٤): «ولم يصححه الترمذي؛ لأنه يروى مسندًا ومرسلًا ومعضلًا»، قال ابن القطان: «لكن هذا ليس بعلة، فالأقرب صحته»، ونقل تصحيحَ ابن القطانِ: الحافظُ ابنُ حجر في «إتحاف المهرة» (٣/٦٠)، قال: «وصححه ابن القطان؛ لأنه لا يرى الاختلاف في الإرسال والوصل علّة، كما هو رأي أبي محمد بن حزم» .
قلت: وصححه -أيضًا- الضياء المقدسي في «المختارة» (٦٢/٢٩٢/٢) .
وأخرجه الدارمي (٢٤٣٨) من طريق حبان بن علي، عن يونس، عن الزهري، به، وقرن بيونس: عُقيل بن خالد. =