119

Injad Fi Abwab Jihad

الإنجاد في أبواب الجهاد وتفصيل فرائضه وسننه وذكر جمل من آدابه ولواحق أحكامه

Investigator

(مشهور بن حسن آل سلمان ومحمد بن زكريا أبو غازي) (ضبط نصه وعلق عليه ووثق نصوصه وخرج أحاديثه وآثاره)

Publisher

دار الإمام مالك

Publisher Location

مؤسسة الريان

معركة الكفار، أنه لا يغسل، ولكن يصلَّى عليه. والدليل على ما ذهبَ إليه مالك، والشافعيُّ، أن السنة المُجتَمَع عليها في موتى المسلمين، أنهم يغسلون ويصلَّى عليهم، إلا ما خرج من ذلك بدليل، والذي خرج من ذلك بالآثار الثابتة عن رسول الله ﷺ أمْرُ قتيل الكفار في المعترك، فبقي ما عداه على الأصل، وهذا ظاهر، وليس لأبي حنيفة ومن قال بقوله مستندٌ في إلحاق قتيل أهل البغي، والظلم، بالشهداء؛ إلا القياس عليهم، وآثار وردت عن بعض من قتل في حرب الخوارج، ونحوه، أوصى بعضهم أن يدفن بدمائه في ثيابه التي قتل فيها، ولا يغسَّل (١) .

= وقال -بعد ذكر مذهب مالك، والشافعي-: «وهذا الذي قاله مالك والشافعي؛ حسن، وروِّينا عن أسماء بنت أبي بكر أنها غَسَّلت عبد الله بن الزبير بعدما تقطعت أوصاله» . (١) أخرج البيهقي في «الكبرى» (٤/١٧) عن قيس بن أبي حازم، يقول: قال عمار: «ادفنوني في ثيابي، فإني مخاصم» . وهذا لما قاتل أهل صفين، وقُتل. وأخرج من طريق الشعبي، أن عليًا صلى على عمار بن ياسر، وهاشم بن عتبة، فجعل عمارًا مما يليه، وهاشمًا أمامه، فلما أدخله القبر جعل عمارًا أمامه، وهاشمًا مما يليه. قال ابن التركماني: «وقال الحاكم: الشعبي لم يسمع من علي، ثم لو ثبتَ أنَّ عليًا صلَّى عليهما، فالشهيد يصلى عليه عند أهل الكوفة وأهل الشام. وقال: ولهذا قال صاحب «الاستيعاب» (٣/٢٣١): دفنَ عليٌّ عمارًا في ثيابه، ولم يغسِّله، ويروي أهل الكوفة أنه صلَّى عليه، وهو مذهبهم: في أن الشهداء لا يُغسلون، ولكنهم يصلَّى عليهم» ا. هـ. كلام ابن التركماني. وأيضًا فمن قُتِل من الفئة الباغية؛ فإنه يغسَّل ويصلَّى عليه، وهذا مذهب الجمهور، خلافًا لأبي حنيفة، كما سبق قريبًا. قال شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀-في «منهاج السنة النبوية» (٢/٢٣٢): «وقد تواتر عن عليٍّ يوم الجمل لمَّا قاتلهم أنه لم يتبع مدبرهم، ...» إلى أن قال: «ونقل عنه أنه صلَّى على قتلى الطائفتين» . وفي هذا ردٌّ على الحنفية القائلين بعدم الغسل، ولا الصلاة عليهم. قال الزمخشري في «رؤوس المسائل» (مسألة ٩٧)، دليلنا: أن عليًاّ صلى على أصحابه، ولم يصلِّ على الطائفة التي بغت عليه، فقيل: أكفارٌ هم؟ قال: «لا؛ ولكنهم إخواننا بغوا علينا، قتلناهم لبغيهم» . وهذا الأثر قال فيه الزيلعي في «نصب الراية» (٢/٣١٩): «إنه غريب»، وقال ابن حجر في «الدراية» (٢/٢٤٥): «لم أجده» .

1 / 121