بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
مُقَدّمَة الْمُؤلف
قَالَ الشَّيْخ الإِمام أَبُو عُمر يُوسُف بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْبر النّمري ﵀
الْحَمد لله ذِي الْقُدْرَة والآلاء وَالْعَظَمَة والكبرياء فاطر الأَرْض وَالسَّمَاء الَّذِي خلقنَا من نفس وَاحِدَة وَخلق مِنْهَا زَوجهَا وبَث مِنْهُمَا رجَالًا كثيرا وَنسَاء وجعلهم شعوبًا وقبائل وباين بَينهم بالفضائل وتعبَدهم بالأقوال والأعمال ليبلوهم أيكفرون أم يشكرون لَا لحَاجَة إِلَيْهِم إِن الله لغَني عَن الْعَالمين وَصلى الله على مُحَمَّد خَاتم النَّبِيين وعَلى آله أَجْمَعِينَ
أما بعد فَإِنِّي ذكرت فِي كتابي هَذَا أُمَّهَات الْقَبَائِل الَّتِي رَوَت عَن رَسُول الله ﷺ وَقربت ذَلِك واختصرته وبيّنته وَجَعَلته دَلِيلا على أصُول الْأَنْسَاب ومدخلًا إِلَى كتابي فِي الصَّحَابَة ليَكُون عونًا للناظرين فِيهِ ومنبهًا على مَا يُحتاج إِلَيْهِ من معرفَة الْأَنْسَاب فَإِنَّهُ عِلْمٌ لَا يَلِيق جهلُه بذوي الهمم والآداب لما فِيهِ من صلَة الْأَرْحَام
1 / 11
وَالْوُقُوف على مَا ندب إِلَيْهِ النَّبِي ﷺ بقوله تعلمُوا من أنسابكم مَا تصلونَ بِهِ أَرْحَامكُم
وروى أنس بن عِيَاض عَن عبد الْملك بن عِيسَى الثَّقَفِيّ عَن عبد الله بن يزِيد مولى المُنبعث عَن أبي هريرةِ عَن النَّبِي ﷺ قَالَ تعلمُوا من أنسابكم مَا تصلونَ بِهِ أَرْحَامكُم فَإِن صلَة الرَّحِم محبَّة فِي الْأَهْل مثراة فِي المَال منسأة فِي الْأَجَل
وَقَالَ عمر بن الْخطاب ﵁ تعلمُوا أنسابكم تصلوا أَرْحَامكُم وَلَا تَكُونُوا كنَبط السوَاد إِذا سُئل أحدهم مِمَّن أَنْت قَالَ من قَرْيَة كَذَا فوَاللَّه إِنَّه ليَكُون بَين الرجل وَبَين أَخِيه الشَّيْء لَو يَعلم الَّذِي بَينه وَبَينه من دِخلةٌ الرَّحِم لَردَعه ذَلِك عَن انتهاكه
ولعمري مَا أنصف الْقَائِل إِن عِلْم النّسَب عِلْم لَا يَنفع وجَهالة لَا تضر لِأَنَّهُ بيَّن نفعُه لما قدّمنا ذكره وَلما رُوي عَن النَّبِي ﷺ أَنه قَالَ كُفْرٌ بِاللَّه تبرُّؤ من نسب وَإِن دق وَكفر بِاللَّه آدعاء إِلَى نَسب لَا يُعرف
وَرُوِيَ عَن أبي بكر الصّديق ﵁ مثله
وَقَالَ ﷺ من ادّعى إِلَى غير أَبِيه أَو انْتَمَى إِلَى غير موَالِيه فَعَلَيهِ لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ لَا يقبل الله مِنْهُ صَرفًا وَلَا عدلا
فَلَو كَانَ لَا مَنْفَعَة لَهُ لمَا اشْتغل الْعلمَاء بِهِ فَهَذَا أَبُو بكر الصّديق ﵁ كَانَ اعْلَم النَّاس بِالنّسَبِ نسب قُرَيْش وَسَائِر الْعَرَب وَكَذَلِكَ جُبير بن مطعم وَابْن عَبَّاس وَعقيل بن أبي طَالب كَانُوا مِن
1 / 12
أعلم بذلك وَهُوَ عِلم الْعَرَب الَّذِي كَانُوا بِهِ يتفاضلون وَإِلَيْهِ ينتسبون وَقد ذكر أبنُ وهب عَن مَالك بن انَّس أَنه قَالَ كَانَ أبن شهَاب مِن أعلم النَّاس بالأنساب وَكَانَ أَخذ ذَلِك من عبد الله بن ثَعْلَبَة بن صَغِير العذري وَغَيره قَالَ فَبينا هُوَ يَوْمًا جَالس عِنْد عبد الله بن ثَعْلَبَة يتعلّم مِنْهُ الْأَنْسَاب إِذْ سَأَلَهُ عَن شَيْء من الْفِقْه فَقَالَ لَهُ إِن كنت تُرِيدُ هَذَا الشَّأْن فَعَلَيْك بِهَذَا الشَّيْخ يَعْنِي سعيد بن المسيِّب
قَالَ وَسمعت مَالِكًا يَقُول لم يكن مَعَ أبن شهَاب كتاب إِلَّا كتاب فِيهِ نَسب قومه يَعْنِي قُريْشًا
وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي ﷺ من الْوُجُوه الصحاج مَا يدل على عِلْمه بأنساب الْعَرَب مِنْهَا الحَدِيث الَّذِي قدمْنَاهُ فِي هَذَا الْبَاب وَغَيره
أخبرنَا عبد الْوَهَّاب ثَنَا قَاسم قَالَ نَا أَحْمد بن زُهَيْر قَالَ نَا مَنْصُور بن أبي مُزَاحم قَالَ نَا أَبُو بكر بن عَيَّاش عَن أبي حُصَيْن عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى ﴿وجَعلناكم شُعوبا وقبائل﴾ قَالَ الشعوب الْبُطُون الجُماع والقبائل الأفخاذ
قَالَ أَحْمد بن زُهَيْر وَأما مُحَمَّد بن بكار قَالَ نَا أَبُو معشر عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي قَوْله تَعَالَى ﴿وفَصيلته الَّتِي تؤْويه﴾ قَالَ قبيلته الَّتِي يُنسب إِلَيْهَا
قَالَ وَأَنا مَنْصُور بن أبي مُزَاحم وَيحيى بن معِين قَالَا ثَنَا
1 / 13
سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى ﴿وَإنَّهُ لَذِكْر لَك ولِقَوْمِك﴾ قَالَ يُقَال مِمَّن الرجل فَيُقَال من الْعَرَب فَيُقَال مِن أَي الْعَرَب فَيُقَال من قُرَيْش
وَأخْبرنَا عبد الْوَارِث بن سُفْيَان قَالَ نَا قَاسم بن اصبغ قَالَ نَا مُحَمَّد بن عبد السَّلَام الْخُشَنِي قَالَ نَا نصر بن عَليّ الْجَهْضَمِي قَالَ نَا الْأَصْمَعِي قَالَ نَا يحيى بن طَلْحَة قَالَ جِئْت سعيد بن الْمسيب فسلّمت عَلَيْهِ فَرد عليّ فَقلت عَلمنِي النّسَب فَقَالَ أَنْت تُرِيدُ أَن تُساب النَّاس ثمَّ قَالَ لي مَن أَنْت فَقلت أَنا يحيى بن طَلْحَة فضمني إِلَيْهِ وَقَالَ إئت مُحَمَّدًا ابْني فَإِن عِنْده مَا عِنْدِي إِنَّمَا هِيَ شعوب وقبائل وبطون وعمائر وأفخاذ وفصائل
وَقَالَ أَبُو عمر قَالَ الْخَلِيل الْعِمَارَة أكبر من الْقَبِيلَة قَالَ والفصيلة فَخذ الرجل وَقَومه
وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ فِي قَول الله ﷿ ﴿وفَصيلته الَّتِي تُؤْويه﴾ عشيرته الأدنون
وَقَالَ أهل النّسَب الشعوب الجماهير والجراثيم الَّتِي تَفَرَّقت مِنْهَا الْعَرَب ثمَّ تَفَرَّقت الْقَبَائِل من الشعوب ثمَّ تَفَرَّقت العمائر من الْقَبَائِل ثمَّ تَفَرَّقت الْبُطُون من العمائر ثمَّ تَفَرَّقت الأفخاذ من الْبُطُون ثمَّ تَفَرَّقت الفصائل من الأفخاذ وَلَيْسَ دون الفصائل شَيْء
فصيلة الرجل رهطه الْأَدْنَى وَبَنُو أَبِيه
وَقد قيل بعد الفصيلة الْعَشِيرَة وَلَيْسَ بعد الْعَشِيرَة شَيْء فَهِيَ
1 / 14
عِنْدهم شعوب وقبائل ثمَّ مَا دون الْقَبَائِل عمائر وبطون ثمَّ مَا دون الْبُطُون أفخاذ وقبائل
وَفِي قَوْله الله تَعَالَى ﴿شُعُوبًا وقَبَائِل لتعارَفُوا﴾ دَلِيل وَاضح على تعلم الْأَنْسَاب وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق
قَالَ أَبُو عمر ﵁ هَذَا كتاب أَخَذته من أُمَّهَات كتب الْعلم بِالنّسَبِ وَأَيَّام الْعَرَب بعد مطالعتي لَهَا ووقوفي على أغراضها فَمن ذَلِك كتاب أبي بكر مُحَمَّد بن إِسْحَاق وَكتاب أبي الْمُنْذر هِشَام بن مُحَمَّد بن السَّائِب الْكَلْبِيّ وَكتاب أبي عُبَيْدَة معمر بن الْمثنى وَكتاب مُحَمَّد بن سُلَيْمَان وَكتاب مُحَمَّد بن حبيب وَكتاب أبي عبد الله أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبيد العدويّ فِي نسب قُرَيْش وَكتاب الزبير بن بكار فِي نسب قُرَيْش وَكتاب عَمه مُصعب بن عبد الله الزبيرِي فِي ذَلِك وَكتاب عَليّ بن كيسَان الْكُوفِي فِي أَنْسَاب الْعَرَب قاطبة وَكتاب عَليّ بن عبد الْعَزِيز الْجِرْجَانِيّ وَكتاب عبد الْملك بن حبيب الأندلسي إِلَى فِقَرٍ قيّدتها من الحَدِيث والْآثَار ونوادر اقتطفتها من كتب أهل الْأَخْبَار وَأخذت من ذَلِك كلّه عُيونه وَمَا يجب الْوُقُوف عَلَيْهِ ويجمل بِأَهْل الْأَدَب والكمال مَعْرفَته والانتساب إِلَيْهِ
وَالله الْمعِين لَا شريك لَهُ وَهُوَ حسبي وَنعم الْوَكِيل
قَالَ مُحَمَّد بن عَبدة بن سُلَيْمَان النسّابة فِي كِتَابه أجمع النسابون جَمِيعًا العدنانية والقحطانية والأعاجم على أَن إِبْرَاهِيم خَلِيل الله ﵇ من ولد عَابِر بن شالح بن أرفخشذ بن سَام بن نوح ﵇
1 / 15
عدنان
قَالَ مُحَمَّد بن عَبدة وَأَجْمعُوا أَن عدنان من ولد إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم ﵉ إِلَّا أَنهم اخْتلفُوا فِيمَا بَين عدنان وَإِسْمَاعِيل من الأباء فَذكر عَن طَائِفَة سَبْعَة آبَاء بَينهمَا وَعَن طَائِفَة مثل ذَلِك إِلا أَنَّهَا خالفتها فِي بعض الْأَسْمَاء وَعَن طَائِفَة تِسْعَة آبَاء مُخَالفَة أَيْضا فِي بعض الْأَسْمَاء وَعَن طَائِفَة خَمْسَة عشر أَبَا بَين عدنان وَإِسْمَاعِيل ﵇
ثمَّ قَالَ وَأما الَّذين جعلُوا بَين عدنان وَبَين إِسْمَاعِيل أَرْبَعِينَ أَبَا فَإِنَّهُم اسْتخْرجُوا ذَلِك من كتاب رخيا وَهُوَ يوْرخ كَاتب أرميا ﵇ وَكَانَا قد حملا معد بن عدنان من جَزِيرَة الْعَرَب لَيْلًا إِلَى بُخت نصر فَأثْبت رخيا فِي كتبه نِسْبَة عدنان
فَهُوَ مَعْرُوف عِنْد أَحْبَار أهل الْكتاب وعلمائهم مُثبت فِي أسفارهم
قَالَ وَقد وجدنَا طَائِفَة من عُلَمَاء الْعَرَب تحفظ لمعد أَرْبَعِينَ أَبَا بِالْعَرَبِيَّةِ إِلَى إِسْمَاعِيل وتحتج فِي أسمائهم بالشعر من شعر أُميَّة بن
1 / 16
أبي الصَّلْت وَغَيره من عُلَمَاء الشّعْر بِأَمْر الْجَاهِلِيَّة ومطالعة الْكتب وكل الطوائف تَقول عدنان بن أدد إِلَّا طَائِفَة قَالُوا عدنان بن أدّ بن أدد
قَالَ أَبُو عمر الِاخْتِلَاف فِيمَا بَين عدنان وَإِسْمَاعِيل صلوَات الله عَلَيْهِ من عدد الْآبَاء كثير جدا نذْكر مِنْهُ فِي كتَابنَا هَذَا مَا يقف بِهِ النَّاظر فِيهِ على البُغية مِنْهُ وحسبه أَن يعلم أَنه لَا خلاف بَين جمَاعَة أهل الْعلم بِالنّسَبِ وَأَيَّام الْعَرَب أَن عدنان من ولد إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم ﵉ وَإِنَّمَا اخْتلفُوا فِي قحطان وَسَنذكر الِاخْتِلَاف فِي قحطان فِي مَوْضِعه من هَذَا الْكتاب
وَقد روى مُوسَى بن يَعْقُوب بن عبد الله بن وهب بن زَمعة الزمعِي عَن عمته عَن أم سَلمَة قَالَت سَمِعت النَّبِي ﷺ يَقُول معد بن عدنان بن أدد بن زيد بن برَاء بن أعراق الثري
قَالَت أم سَلمَة فريد هُوَ الهميسع وبراء هُوَ نبت وأغراق الثري هُوَ إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم ﵉
فَهَذَا أرفع مَا رُوِيَ فِي ذَلِك وَأولى مَا قيل بِهِ فِيهِ وَالله أعلم
وَرُوِيَ عَن دَاوُد بن أبي هِنْد أَنه قَالَ حفظت الْعَرَب أنسابها إِلَى أدد
وَرُوِيَ ابْن لَهِيعَة عَن أبي الْأسود أَنه سمع عُرْوَة بن الزبير يَقُول مَا وجدنَا أحدا يعرف مَا وَرَاء معد بن عدنان
قَالَ وَقَالَت عَائِشَة ﵂ مَا وجدنَا أحدا يعرف مَا وَرَاء معد بن عدنان وَلَا وَرَاء قحطان إِلَّا تخرما
1 / 17
وَقَالَ أَبُو الْأسود يَتِيم عروةِ سَمِعت أَبَا بكر بن سُلَيْمَان بن أبي حثْمَة وَكَانَ أعلم قُرَيْش بأشعارهم وأنسابهم يَقُول مَا وجدنَا أحدا يعلم مَا وَرَاء معد بن عدنان فِي شعر شَاعِر وَلَا علم عَالم
وروى أَبُو الْأسود أَيْضا عَن عُرْوَة وَغَيره أَن عمر بن الْخطاب قَالَ إِنَّمَا ننتسب إِلَى عدنان وَمَا وَرَاء ذَلِك لَا أَدْرِي مَا هُوَ وَقَالَ الْعَدوي لَا أعلم أحدا من الشُّعَرَاء بلغ فِي شعره عدنان إِلَّا لَبيد بن ربيعَة وعباس بن مرداس السّلمِيّ قَالَ لبيد
(فَإِن لم تَجد من دون عَدنان والدًا ... ودُون معد فَلْتزعك العَواذِلُ)
وَقَالَ عَبَّاس بن مرداس
(وعك بن عدنان الَّذين تلقبوا ... بغسان حَتَّى طردوا كل مُطرِد)
قَالَ ابْن هِشَام غَسَّان مَاء بسد مأرب فِي الْيمن كَانَ بَنو مَازِن بن الأزد بن الْغَوْث نزلُوا عَلَيْهِ فسُمّوا بِهِ
وَيُقَال غَسَّان مَاء بالمشلل قريب من الْجحْفَة وَالَّذين شربوا مِنْهُ فسُموا بِهِ قبائل من ولد مَازِن بن الأزد
قَالَ أَبُو عمر يشْهد لهَذَا قَول حسان بن ثَابت
(إِمَّا سَأَلت فَإنَّا معشر نجب ... الأزد نسبتنا وَالْمَاء غَسَّان)
وَقَالَ قيس بن الخطيم
(وَيَوْم بُعاث أسلمتنَا سُيُوفنَا ... إِلَى نَسب فِي جِذم غسّان ثاقبُ)
وَسَيَأْتِي ذكر من انتسب إِلَى غَسَّان من بني جَفْنَة وَغَيرهم عِنْد ذكر الْأَنْصَار فِي مَوْضِعه من هَذَا الْكتاب إِن شَاءَ الله تَعَالَى
1 / 18
وَقد روى الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ النَّبِي ﷺ إِذا انْتهى فِي النّسَب إِلَى معد بن عدنانَّ قَالَ كذب النسابون قَالَ الله ﷿ ﴿وقرونا بَين ذَلِك كثيرا﴾
وَلَيْسَ هَذَا الْإِسْنَاد بِالْقَوِيّ
وَقَالَ آخَرُونَ لم يتَجَاوَز النَّبِي ﷺ فِي النّسَب النَّضر بن كنَانَة
وَهَذَا لَو صَحَّ كَانَ مَعْنَاهُ فِي نِسْبَة قُرَيْش خَاصَّة لَا فِي علمه بأنساب الْعَرَب وَقد جَاءَ عَنهُ من وُجُوه مَا يدل على مَا تأولناه عَلَيْهِ فِي ذَلِك
وَكَانَ قوم من السّلف مِنْهُم عبد الله بن مَسْعُود وَعَمْرو بن مَيْمُون الأودي وَمُحَمّد بن كَعْب الْقرظِيّ إِذا تلوا ﴿وَالَّذين مِن بَعدهم لَا يعلمهُمْ إِلَّا الله﴾ قَالُوا كذب النسابون
وَمعنى هَذَا عندنَا على غير مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ وَإِنَّمَا الْمَعْنى فِيهَا وَالله أعلم تَكْذِيب من ادّعى إحصاء بني آدم فَإِنَّهُ لَا يحصيهم إِلَّا الَّذِي خلقهمْ فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي أحصاهم وحدَه لَا شريك لَهُ وَالله أعلم
1 / 19
وَأما أَنْسَاب الْعَرَب
فَإِن أهل الْعلم بأيامها وأنسابها قد وعوا وحفظوا جماهيرها وَأُمَّهَات قبائلها وَاخْتلفُوا فِي بعض فروع ذَلِك وسترى فِي كتَابنَا هَذَا مَا أَجمعُوا عَلَيْهِ وَكَثِيرًا مِمَّا اخْتلفُوا فِيهِ إِن شَاءَ الله
وَالَّذِي عَلَيْهِ أَئِمَّة هَذَا الشَّأْن فِي نسب عدنَّان قَالُوا عدنان بن أدد بن مقوم بن ناحور بن تيرح بن يعرب بن يشجب بن نابت بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن بن تارح وَهُوَ آزر بن نأحور بن ساروح بن أرغو بن فالغ بن عيبر بن شالخ بن أرفخشذ بن سَام بن نوح بن لامك بن متوشلخ بن خنوخ وَهُوَ إِدْرِيس النَّبِي فِيمَا يَزْعمُونَ وَالله أعلم
وَكَانَ أول نَبِي أُعطي النبوةِ بعد آدم وشيث وَخط بالقلم ابْن يرد بن مهليل بن قينان بن يانش بن شِيث بن آدم ﷺ
قَالَ ابْن هِشَام حَدثنَا زِيَاد بن عبد الله البكائي عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق المطلبي بِهَذَا الَّذِي ذكرت من نسب عدنان إِلَى آدم وَمَا فِيهِ من حَدِيث إِدْرِيس وَغَيره
1 / 20
قَالَ ابْن هِشَام وَحدثنَا خَلاد بن قُرَّة بن خَالِد السدُوسِي عَن شَيبَان بن زُهَيْر بن شَقِيق بن ثَوْر عَن قتادةِ بن دعامة أنَّه قَالَ إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم خَلِيل الله بن تارح وَهُوَ ازر بن ناحور بن أشرع بن ارغو بن فالغ بن عَابِر بن شالخ بن أرفخشذ بن سَام بن نوح بن لامك بن متوشلخ بن أَخْنُوخ بن يرد بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شِيث بن آدم ﵇
وَقَالَ خَليفَة بن خياط عَن ابْن الْكَلْبِيّ عَن أَبِيه عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ بَين معد بن عدنان إِلَى إِسْمَاعِيل ثَلَاثُونَ أَبَا
وبإسناده عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ النَّبِي ﷺ إِذا انْتهى إِلَى عدنان أمسك ثمَّ يَقُول كذب النسابون قَالَ الله تَعَالَى ﴿وقرونًا بَين ذَلِك كثيرا﴾
وَقَالَ ابْن جريج عَن الْقَاسِم بن أبي برة عَن عِكْرِمَة قَالَ ألت نزار نَسَبهَا من عدنان
وَمن احسن مَا جَاءَ فِي ذَلِك أَيْضا مَا نظمه أَبُو الْعَبَّاس عبد الله بن مُحَمَّد الناشىء فِي قصيدة يمدح بهَا رَسُول الله ﷺ وَهِي قَوْله
(مدحتُ رَسُول الله أبغي بمَدْحه ... وفُور حُظوظي من كريم المَآرِبِ)
(مدحت امْرأ فَاتَ المديحَ مُوحدًا ... بأوصافه عَن مُبْعَد ومُقارِبِ)
(نَبيا تسامَى فِي الْمَشَارِق نوره ... فلاحت هواديه لأهل المَغارب)
(أتَتْنا بِهِ الأنباءُ قبلَ مَجيئه ... وشاعت بِهِ الأخبارُ فِي كُل جانِبِ)
1 / 21
(وأصبحت الكُهّان تَهتف بآسمه ... وتَنْفي بِهِ رَحْم الظنون الكَواذبِ)
(وأنطقت الأصنامُ نُطْقًا تَبرّأت ... إِلَى الله فِيهِ من مَقال الأكاذِبِ)
(وَقَالَت لأهل الكُفر قَوْلًا مُبيِّنًا ... أَتَاكُم نبيٌّ من لُؤي بن غالبِ)
(ورام استراق السَمع جنٌّ فَزيَّلت ... مقاعدَهم مِنْهَا رجومُ الكَواكبِ)
(هَدانا إِلَى مَا لم نَكُن نَهْتدِي لَهُ ... لطُول المعَمَى مِن واضحات المَذاهِبِ)
(وَجَاء بآياتٍ تُبِّين أَنَّهَا ... دلائلُ جَبارٍ مُثيب مُعاقِبِ)
(فَمِنْهَا انْشِقَاق البَدر حِين تعممت ... شعوب الضيا مِنْهُ رُءُوس الأخاشب)
(وَمِنْهَا نبوع المَاء بَين بَنانِه ... وَقد عَدم الوُرَّادُ قُرْبَ المَشارِبِ)
(فروَّى بِهِ هِمّا فَقِيرا وأَمهلت ... بأعناقه طَوْعًا أكُن المذانِبِ)
(وبِئرٌ طَغت بِالْمَاءِ من مس سَهمه ... ومنْ قَبلُ لم تسمح بمُذقة شارِبِ)
(وضَرْعٌ مَرَاه فاسْتدَر وَلم يكُنْ ... بِهِ دِرَّةٌ تُصْغِي إِلَى كَف حالبِ)
(ونُطْقٌ فَصِيحٌ مِن ذِراع مُبِينَةٍ ... لكَيْدِ عدوَّ للعَداوة ناصِبِ)
(وإخبارُه بِالْأَمر من قَبلِ كَوْنِه ... وَعند بَواديه بماَ فِي العواقبِ)
(ومِن تِلْكم الأياتِ وحيٌ أَتَى بِهِ ... قريب المآتي مسجم العجائبِ)
(تَقَاصرت الأفكارُ عَنهُ فَلم يُطِعْ ... بليغًا وَلم يخْطر على قَلب خاطبِ)
(حَوى كلُ عِلْمٍ واحتوى كُلَّ حِكْمةٍ ... وفاتَ مَرام المُستِمرِّ المُوارِبِ)
(أَتَانَا بِهِ لَا عَن روية مرئيء ... وَلَا صحف مستمل وَلَا وصف كاتِبِ)
(يواتيه طورًا فِي إِجَابَة سَائل ... وإفتاءِ مستفت وَوعظ مخاطبِ)
(وأتيانِ بُرْهان وفُرْضَ شرائعً ... وقصّ احاديثٍ ونصّ مآربِ)
(وتَصريف أمثالٍ وتَثبيت حُجَّةٍ ... وتَعرِيف ذِي جَحْدٍ وتوقيفِ كاذِبِ)
(وَفِي مَجْمع النادي وَفِي حَوْمة الوغَى ... وَعند حُدوث المُعضلات الغرائبِ)
(فَيَأْتِي على مَا شِئْتَ من طُرَقاته ... قويمَ الْمعَانِي مُستدرَّ الضَّرائبِ)
(يُصدِّق مِنْهُ البعضُ بَعْضًا كَأَنَّمَا ... يُلاحظ مَعناه بعَيْن المُراقبِ)
1 / 22
(وعَجَزُ الوَرَى عَن أَن يجيئوا بِمثل مَا ... وَصفناه مَعْلُوم بطُول التجارِبِ)
(تَأبَّى بِعَبْد الله أكرمِ والدٍ ... تبلَج مِنْهُ عَن كَريم المَناسِبِ)
(وشَيبة ذِي الحَمد الَّذِي فخَرت بِهِ ... قُريش على أهل العُلا والمَناصِبِ)
(ومَن كَانَ يُسْتَسْقَى الغَمامُ بوَجْهه ... وَيصْدر عَن آرائه فِي النَّوائِبِ)
(وهاشمُ البانِي مَشِيد آفتخاره ... بغُرّ المَساعي وامتنان الْمَوَاهِب)
(وَعبد منَاف وَهُوَ علم قومه اشتطاط ... الْأَمَانِي واحتكام الرغائب)
(وإنّ قُضَياَّ من كريم غِراسه ... لَفي مَنْهل لم يَدْنُ من كفِّ قاضِبِ)
(بِه جَمع الله الْقَبَائِل بعد مَا ... تَقسَمها نَهْبُ الأكفِّ السوالِبِ)
(وحَلَّ كلابٌ من ذُرَى الْمجد مَعْقِلًا ... تَقاصَرَ عَنهُ كلُّ دانٍ وغائبِ)
(ومُرَّةُ لم يَحْلُلْ مَريرةَ عَزْمِهِ ... سِفاهُ سَفِيه أَو مَحوبة حائِبِ)
(وكَعْبٌ عَلا عَن طَالب المَجْد كَعْبُهُ ... فنال بأدْنَى السعْي أَعلَى المَراتبِ)
(وألْوَى لُؤَي بالعُداة فطُوِّعتْ ... لَهُ هِمَمُ الشُّمِّ الأنوف الأغالبِ)
(وَفِي غالبٍ بأسٌ أَبى البَأسُ دونهمْ ... يُدافع عَنْهُم كُلً قِرْنٍ مُغالِبِ)
(وَكَانَت لِفِهْرٍ فِي قُريش خطابةٌ ... يَعوذ بهَا عِنْد آشْتجار المُخاطبِ)
(وَمَا زَالَ منهمْ مالكٌ خيرَ مَالك ... وأكرمُ مَصحوب وأكرمُ صاحبِ)
(وللنَضْر طولٌ يَقْصُر الطَّرْفُ دونه ... بحيثُ التقى ضَوء النُّجوم الثواقبِ)
(لَعَمْري لقد أبْدَى كنانةُ قَبْلَه ... محاسنَ تأبَى أَن تَطُوعَ لغَالِبِ)
(ومِن قَبله أبْقى خزيمةُ حَمْدُه ... تَلِيدَ تُراثٍ عَن حَميد الأقارِبِ)
(ومَدْركةٌ لم يُدرك الناسُ مثلَه ... أعفُ وَأَعْلَى عَن دنىء المكاسب)
(وإلياسُ كَانَ اليَأسُ مِنْهُ مُقارنا ... لأعدائه قبلَ اعْتِدَاد الكتائبِ)
(وَفِي مُضَرٍ يَسْتجمع الفخرُ كلُه ... إِذا اعتركت يَوْمًا زحوف المقانب)
(وَحل نزار مِن رياسة أَهله ... محلا تسامَى عَن عُيون الرَّواقِبِ)
(وكانَ مَعدُّ عُدًة لولِّيه ... إِذا خَافَ مِن كَيد العدوّ المُحاربِ)
1 / 23
(وَمَا زَالَ عدنانٌ إِذا عُدَّ فضلُه ... توحَّد فِيهِ عَن قرين وَصَاحب)
(وأد تأدى الفضلُ مِنْهُ بغايةٍ ... وإرْث حَواه عَن قُرومٍ أشايِبِ)
(وَفِي أدَرٍ حِلْمٌ تزيَّن بالحِجَا ... إِذا الحِلم أزْهاه قطوبُ الحَواجِبِ)
(وَمَا زَالَ يَستعلي هَمَيْسَعُ بالعُلا ... وَيتْبع آمالَ البَعيد المُراغبِ)
(ونَبْتٌ بَنَتْه دَوْحة العِز وَابْتَنَى ... معاقِلَه فِي مشمخر الأهاضب)
(وحيزت لقيذار سماحة حَاتِم ... وَحِكْمَة لُقْمَان وهمة حاجِبِ)
(هُمُ نَسْلُ إِسْمَاعِيل صَادِق وَعْدِه ... فَمَا بَعده فِي الفَخر مَسْعًى لذاهِبِ)
(وَكَانَ خليلُ الله أكرمَ مَن عَنَتْ ... لَهُ الأَرْض من ماشٍ عَلَيْهَا وراكبِ)
(وتارَحُ مَا زَالَت لَهُ أرْيَحيَّة ... تُبيِّن منْه عَن حَميد المَضارِبِ)
(وناحُور نَحَّار العِدَى حفِظت لَهُ ... مآثرُ لما يُحْصِها عدُّ حاسبٍ)
(وأشْرع فِي الهَيجاء ضَيْغم غابةٍ ... يَقُدّ الطُّلَى بالمُرْهَفات القواضبِ)
(وأرْغُوُ نابٌ فِي الحروب مُحكَّمٌ ... ضنِينٌ على نَفْس المُشِحِّ المُغالبِ)
(وَمَا فالغ فِي فَضْله تِلْوَ قومه ... وَلَا عابِرٌ مِن دونهم فِي المَراتبِ)
(وشالَخْ وارْفَخْشَذَ وَسام سَمَتْ بهم ... سَجايَا حَمَتهُم كُلَّ زارٍ وعائب)
(وَمَا زَالَ نوحٌ عِنْد ذِي الْعَرْش فَاضلا ... يُعدِّده فِي المُصطفين الأطايبِ)
(ولَمْكٌ أبُوَه كَانَ فِي الروع رائعا ... جرئيا على نفس الكميّ المُضارِبِ)
(وَمن قبُل لَمْكٌ لم يَزل مَتوشَلَخٌ ... يَذُود العِدَى بالذائداتِ الشواربِ)
(وَكَانَت لإدريسَ النَّبِي منَازِل ... من الله لم تُقْرَن بهمة راغِبِ)
(ويارَدٌ بَحْر عِنْد أهل سراته ... أبي الخَزايا مُسْتدِق المارِبِ)
(وَكَانَت لِمْهلائيل فهم فضائلٌ ... مهَذبة من فاحشات المَثالِبِ)
(وقَيْنان مِن قبلُ اقْتنى مجدَ قَومه ... وفاتَ بشَأوِ الفَضل وَخْد الركائبِ)
(وَكَانَ أنُوشٌ ناشَ للمَجد نَفْسَه ... ونَزهها عَن مُرْدِيات المَطالِبِ)
(وَمَا زَالَ شِيثٌ بالفَضائل فَاضلا ... شريفًا بَرِيئًا من ذَميم المعايِبِ)
1 / 24
(وكُلّهم من نُور آدم أقْبَوُا ... وعَن عُوده أجْنَوْا ثمارَ المَناقِبِ)
(وَكَانَ رَسُول الله أكرَم منجب ... جرى فِي ظُهُور الطيبين المَناجب)
(مُقابَلة آباؤه وأمهانة ... مُبرأة من فاضحات المَثالبِ)
(عَلَيْهِ سلامُ الله فِي كُلِّ شارقٍ ... ألاح لنا ضوءا وَفِي كلُ غارب)
قَالَ أَبُو عمر ﵁ الَّذِي أَجمعُوا عَلَيْهِ من ولد عدنان معد وَكثير مِنْهُم يَقُول وعك وَاخْتلفُوا فِيمَا سواهُمَا
فَأَما معد فَذكر بَعضهم لَهُ ثَمَانِيَة من الْوَلَد مِنْهُم قضاعة وإياد وحَيدان أَبُو مهرَة وقَنَص بن معد ونزار بن معد
وَأنكر أَكثر أهل الْعلم أَن يكون لمعد ولد غير نزار وَأَجْمعُوا كلهم على أَن كل معدَي وعدناني الْيَوْم نزاري وَلَا يعلمُونَ لمعد ولدا غير نزار فنزار صريحُ ولد معد بن عدنان بِإِجْمَاع وَغير ذَلِك مُخْتَلف فِيهِ على مَا نذكرهُ بعدُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى
1 / 25
قحطان
وَأما قحطان فالاختلاف فِيهِ كثير على مَا اصف لَك إِن شَاءَ الله تَعَالَى
قَالَ مُحَمَّد بن عَبدة بن سُلَيْمَان النسابة اخْتلف النسابون جَمِيعًا فِي نِسْبَة قحطان على ثَلَاث مقالات تفرّق اهلُ كل مقَالَة مِنْهَا على ثَلَاث مقالات فنسبته طَائِفَة إِلَى إرَم بن سَام بن نوح وَقَالَت فِيهِ ثَلَاث مقالات ونسبته طَائِفَة إِلَى إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم ﵉ وَقَالَت فِي ذَلِك ثَلَاث مقالات
فاما الَّذين نسبوه إِلَى إرم
فَقَالَت الْفرْقَة الأولى مِنْهُم هُوَ قحطان بن هود بن عبد الله بن الْجُلُود بن عَاد بن عوص بن إرم بن سَام بن نوح
وَقَالَت الْفرْقَة الثَّانِيَة مِنْهُم هُوَ قحطان بن هود بن عبد الله بن ريَاح بن الْجُلُود بن عَاد بن عوص بن إرم بن سَام بن نوح
وَقَالَت الْفرْقَة الثَّالِثَة مِنْهُم هُوَ قحطان بن هَميسع بن تيمن بن قحطان بن هود بن تيمن بن إرم بن سَام بن نوح
1 / 26
وَلَا أَظن هَذِه الْفرْقَة صنعت شَيْئا
وَأما الَّذين نسبوه إِلَى عَابِر
فَقَالَت الطَّائِفَة الأولى مِنْهُم وهم جلّ أهل الْيمن الْيَوْم قحطان هُوَ يقطان وَهُوَ يقطون وَهُوَ يقطن ويقطن ابْن عَابِر وَهُوَ هود نَبِي الله ابْن شالخ بن أرفخشذ بن سَام بن نوح
وَقَالَ الزبير بن بكار قحطانِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَهُوَ يقطن بالعبرانية ويقطان بالسُّرْيَانيَّة ابْن نبت وَهُوَ تابت بن عَابِر بن شالخ بن أرفخشذ بن سَام بن نوح بن لمك وَهُوَ لامك بن متوشلخ بن أَخْنُوخ وَهُوَ إِدْرِيس بن يارد وَهُوَ يرد بن قين وَهُوَ قينان بن أنوش بن شِيث بِالْعَرَبِيَّةِ وَهُوَ شاث بالسُّرْيَانيَّة وشيث بالعبرانية وَهُوَ هبة الله بن آدم وَإِلَيْهِ أوصى آدم ﷺ
قَالَ عَليّ بن كيسَان أنوش بن شِيث هُوَ بِالْعَرَبِيَّةِ أنس بن شِيث
وَقَالَت الطَّائِفَة الثَّانِيَة قحطان ويقطان أخوانِ وهما ابْنا عَابِر وَهُوَ هود نَبِي الله ابْن شالخ بن أرفخشذ بن سَام بن نوح
وَقَالَت الطَّائِفَة الثَّالِثَة قحطان بن هميسع بن تيمن بن يقطان بن عَابِر وَهُوَ هود بن شالخ بن أرفخشذ بن سَام بن نوح
وَأما الَّذين نسبوه إِلَى إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم ﵉
فَقَالَت الطَّائِفَة الأولى مِنْهُم قحطان ابْن هميسع بن تيمن بن نبت وَهُوَ نابت ابْن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم ﵉
1 / 27
وَقَالَت الطَّائِفَة الثَّانِيَة قحطان ابْن هميسع بن تيمن وَبِه سميت الْيمن ابْن نابت بن إِسْمَاعِيل
قَالَ أَبُو عمر ﵁ يشْهد لقَوْل من جعل قحطان وَسَائِر الْعَرَب من ولد إِسْمَاعِيل ﵇ قولُ رَسُول الله ﷺ لقوم من أسلم وَالْأَنْصَار ارمو بن إِسْمَاعِيل فَإِن أَبَاكُم كَانَ راميًا وَقَول الْمُنْذر بن حرَام جدّ حسان بن ثَابت حَيْثُ يَقُول
(ورَثنا من البُهلول عَمرو بن عَامر ... وحَارثةَ الغِطريف مجدًا مؤثَّلا)
(مآثَر من نَبْت بن نَبْتِ بن مَالك ... ونَبْتِ بن إِسْمَاعِيل مَا إِن تَحولا)
وَقَالَت الطَّائِفَة الثَّالِثَة قحطان ابْن هميسع بن أصاف بن هود بن شرْوَان بن الميثان بن الْعَامِل بن مهْرَان بن بحير بن يقظان بن نباوت وَهُوَ نابت ابْن تيمن بن النبيت بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم ﵉
وَأما الَّذين قَالُوا هَذِه الْمقَالة التَّاسِعَة فهم الَّذين جعلُوا بَين عدنان وَإِسْمَاعِيل نيفا وَثَلَاثِينَ أَبَا
قَالَ وَوجدت أَكثر أهل الْيمن يَقُولُونَ قحطان بن عَابِر وَهُوَ هود بن شالخ بن أرفخشذ بن سَام بن نوح وَيَقُولُونَ نَحن الْعَرَب العاربة نَحن أقدم من إِبْرَاهِيم
وَقَالَ الزبير طسم واميم وعمليق بَنو لوذ بن سَام بن نوح وجديس وَثَمُود ابْنا جَائِر بن إرم بن سَام بن نوح
وَأما هِشَام بن الْكَلْبِيّ فَقَالَ الْعَرَب العاربة هم عَاد وعبيل ابْنا عوص بن إرم بن سَام بن نوح وطسم أَخُوهُ عمليق
1 / 28
وأميم ويقطون بن عَابِر بن شالخ بن أرفخشذ بن سَام بن نوح
فَهَؤُلَاءِ هم الْعَرَب العاربة
قَالَ هِشَام وَمن زعم أَن قحطان لَيْسَ من ولد إِسْمَاعِيل فَإِنَّهُ يَقُول قحطان هُوَ يقطون بن عَابِر بن شالخ بن أرفخشذ بن سَام بن نوح
قَالَ أَبُو عمر هَكَذَا قَالَ ابْن الْكَلْبِيّ فِي الْعَرَب العاربة وَرَأَيْت بِخَط أبي جَعْفَر الْعقيلِيّ قَالَ نَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل قَالَ حَدثنَا سَلام بن مِسْكين قَالَ نَا عون بن ربيعَة عَن يزِيد الْفَارِسِي عَن ابْن عَبَّاس قَالَ الْعَرَب العاربة قحطان بن الهميسع والامداد والسالفات وحضرموت
وَهَذَا حَدِيث حسن الْإِسْنَاد وَهُوَ أَعلَى مَا رُوِيَ فِي هَذَا الْبَاب وَأولى بِالصَّوَابِ وَالله أعلم
قَالَ ابْن الْكَلْبِيّ قَول النَّاس إِن هودًا هُوَ عَابِر بَاطِل لِأَن هودا ابْن عبد الله بن الْجُلُود بن عَاد بن عوص بن إرم بن سَام بن نوح
وَأما وهب بن مُنَبّه فَقَالَ فِي هود هود بن عبد الله بن ريَاح بن حوبا بن عَاد بن عوص بن إرم بن سَام بن نوح
قَالَ وهب بن مُنَبّه وَلَيْسَ هُوَ بأب لليمن لِأَن الْيمن من ولد قحطان بن عَابِر بن شالخ بن أرفخشذ بن سَام بن نوح
قَالَ وهب وَإِنَّمَا ادَّعَت الْيمن هودا أَبَا حِين وَقعت العصبية بَين الْيمن وَمُضر ففخرت مُضر بابيها إِسْمَاعِيل فادعت الْيمن عِنْد ذَلِك هودا
1 / 29
وَاحْتج وهب بقول الله تَعَالَى ﴿وَإِلَى عَاد أَخَاهُم هودا﴾ يَعْنِي أَخَاهُم فِي النّسَب
قَالَ وَإِنَّمَا الْيمن من ولد أرفخشذ بن سَام بن نوح
قَالَ أَبُو عمر لَا خلاف بَين أهل الْعلم بِالنّسَبِ أَن الْعَرَب كلهَا بجمعها جِذمان والجذم الأَصْل فأحدهما عدنان والأخر قحطان فَإلَى هذَيْن الجذمين يَنْتَهِي كل عَرَبِيّ فِي الأَرْض وَلَا يَخْلُو أحد من الْعَرَب من أَن ينتمي إِلَى أَحدهمَا وَلَا بُد أَن يُقَال عدناني أَو قحطاني
ولهذين الجذمين خَمْسَة شعوب وَإِن شِئْت قلت ثَلَاثَة شعوب تَفَرَّقت مِنْهَا قبائل الْعَرَب فالخمسة مُضر بحشوتها من أياد وَرَبِيعَة بحشوتها من أنَّمار وقضاعة شعب وسبأ شعب وحضرموت شعب وَالثَّلَاثَة نزار وسبأ وحضرموت
وَإِن شِئْت قلت عدنان وَرَبِيعَة وَمُضر وَإِن شِئْت قلت نَّزار وَإِن شِئْت قلت الْيمن قضاعة وسبأ وحضرموت وقحطان وَإِذا قلت سبأ لم تحتج إِلَى ذكر حمير بن سبأ
1 / 30