al-Inbaʾ fi taʾrih al-hulafaʾ
الانباء في تأريخ الخلفاء
Investigator
قاسم السامرائي
Publisher
دار الآفاق العربية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢١ هـ - ٢٠٠١ م
Publisher Location
القاهرة
Genres
History
وجلس يوما جلوسا عاما فدخل عليه عمه إبراهيم «٢١١» [٣٨ ب] بن المهدي فقال:
السلام عليك يا أمير المؤمنين فقال له: لا سلام عليك يا إبراهيم فقال له: على رسلك يا أمير المؤمنين لقد أصبح ذنبي فوق كل ذنب كما إن عفوك فوق كل عفو، فقال له المأمون: إن هذين أشارا عليّ بقتلك، وأومأ إلى الحسن بن سهل الوزير وإلى ولده العباس بن المأمون، فقال: يا أمير المؤمنين والله لقد نصحاك وما غشّاك ولكنك إن قتلتني كنت قد عاقبتني على ذنب قد عاقبت عليه الناس قبلك وإن عفوت عنى فقد عفوت عن ذنب ما عفى عنه أحد قبلك. فقال المأمون: إن من الكلام ما يفوق السحر وإن كلام عمى منه، يا عم قد عفوت عنك. وأمّنه على نفسه وماله «٢١٢» .
وكان المأمون يقول: إني أحب العفو حتى أخاف أن لا أؤجر عليه، ولو علم الناس حبي للعفو لتقربوا إليّ بالذنوب «٢١٣» . وصار إبراهيم بن المهدي بعد ذلك من ندمائه والمتخصصين بخدمته، وكان يداعبه ويقول له: أنت الخليفة الأسود فقال له إبراهيم يوما: يا أمير المؤمنين أما سمعت قول سحيم «٢١٤» عبد بنى الحسحاس الأسود:
أشعار عبد بنى الحسحاس قمن له ... يوم الفخار مقام الأصل للورق
إن كنت عبدا فنفسي حرّة كرما ... أو أسود الخلق إني أبيض الخلق
وأنا أقول لك: «والشعر لإبراهيم»:
ليس يزرى السواد بالرجل الندب ... ولا بالفتى الأريب الأديب
إن يكن للسواد فىّ نصيب ... فبياض الأخلاق منك نصيبي [٣٩ أ]
فاستحسن البيتين ووصله.
واختفى الفضل بن الربيع من المأمون والمأمون يتطلبه ويطرح عليه الأعين وذلك لما كان في نفسه منه عند موت الرشيد ولأنه هو الّذي ألبّ عليه بنى العباس ببغداد حتى بايعوا إبراهيم وحسّن لإبراهيم فعله، وفي آخر الأمر ظفروا به وجاءوا به إلى المأمون فلما وقعت عليه عين المأمون قام وسجد ثم رفع رأسه وقال «٢١٥»: أتدري
1 / 100