قصّة الكتاب:
بسم الله الرّحمن الرّحيم ترجع معرفتي بكتاب «الإنباء» إلى الصدفة أكثر منها إلى التدبير فقد وقع بيدي حين كنت أبحث عن شيء آخر فأثار فىّ ميلى القديم إلى التاريخ العربيّ والإسلامي الّذي كان أول ما درست حين كنت في دار المعلمين العالية ببغداد فتصفحت المخطوطة ووجدتني منساقا إلى قراءتها فقرأت الكتاب كله فاستهوانى مؤلفه بأسلوبه الّذي لا يشبه أسلوب المؤرخين التقليديين فرغبت في إعداده للنشر. وقد زاد في هذه الرغبة وصول نسخة من كتاب «مختصر التاريخ» لظهير الدين الكازروني أرسلها لي أخى الكريم الدكتور يوسف عز الدين فوجدت فيه أن الكازروني قد كتب ذيلا على «الإنباء» وعند ذلك رغبت في معرفة المزيد عن الكتاب ومصنفه فوجدت أن الأستاذ عباس العزاوى- ﵀ قد وعد بنشره في مقاله «العمراني وتاريخه» المنشور في مجلة المجمع العلمي العربيّ بدمشق سنة ١٩٤٨، فأسرعت إلى فهارس الكتب المطبوعة أبحث عنه فإذا هي خواء فاستخرت الله عز شأنه في نشره، ومنه أرجو العون، ومنه أستمد الحول إنه نعم المولى ونعم المعين.
لقد ذكر العزاوى في مقاله الآخر عن تاريخ ابن أبى عذيبة المنشور في العدد ٢١ من مجلة المجمع العلمي العربيّ بدمشق أنه يمتلك تاريخا مخطوطا في الدولة العباسية إلى أيام المستنجد باللَّه العباسي لم يعرف مؤلّفه وأن هذا التاريخ من جملة مراجع نقل ابن عذيبة منها وقال: «فقد كان من ذلك الحين (توفى ابن أبى عذيبة سنة ٨٥٦ هـ) مجهولا ولم أتمكن من معرفته وربما عدت إلى وصفه لعل في القراء الأفاضل من يعرف بمؤلفه» . وبرّ بوعده وعاد إلى وصفه في مقاله الّذي أشرنا إليه فروى قصة
1 / 3