سأل جون في اندهاش: «انزعج من أي أمر؟» «في الواقع، بدا لي، في وقت وقوع الأحداث، أنه كان يشعر بجزع شديد بشأن وضعنا.» «أوه، نعم، تذكرت الآن. نعم، إنه كان يشعر ببعض الحزن في وقتها، لكن لم يكن هذا بسبب الحادث. لقد كان أمرا مختلفا تماما، ولحسن الحظ، انتهى على خير.» «أنا سعيد لسماع هذا. بالمناسبة، هل قدمت تقريرك للمديرين؟» «نعم؛ لقد كنا في اجتماع معهم اليوم.» «آه، لم أستطع الذهاب إلى هناك. في الحقيقة، لقد قررت ألا تكون لي أي علاقة بمناجم أوتاوا تلك. هل تعرف القرار الذي اتخذه مجلس الإدارة في هذا الأمر؟» «لا؛ لقد تسلموا تقريرنا فقط؛ في الحقيقة، لقد تسلموه قبل ذلك، لكن كان لديهم بعض الأسئلة التي كانوا يودون طرحها، والتي أجبنا عنها على ما يبدو على نحو أثار إعجابهم.» «من كان هناك؟ أعتقد أن السير روبس ماكينا قد شغل كرسي الرئاسة، أليس كذلك؟» «بلى، سيدي، كان كذلك.» «آه، صدق ظني. في واقع الأمر، رأيي فيه أنه بمنزلة فأر تجارب؛ هل تعرف معنى هذا؟ لقد توصلت إلى قرار بعدم المشاركة في هذا المشروع، على أي حال. المهم، هل كانوا راضين عن تقريركما ؟» «بدا أنهم كانوا كذلك. لقد وجهوا الشكر لنا، وتحدث واحد أو اثنان منهم مثنيين بشدة على ما قمنا به من جهد.» «أنا سعيد لسماع هذا. بالمناسبة، ويليام، أنت تعرف السيد كينيون، أليس كذلك؟»
جال الرجل الشاب بعينيه فيما حوله بطريقة منشغلة، متجاوزا السيد كينيون.
وقال في نفسه: «كينيون، كينيون.» كما لو كان يحاول تذكر اسم قد سمعه في مكان ما من قبل. ثم أضاف: «أنا في الحقيقة لا ...»
قال الرجل العجوز: «لا، لا! ألا تتذكر السيد كينيون الذي كان معنا على متن سفينة «كالوريك»؟» «أوه، بلى، بالتأكيد ... أوه، بالتأكيد. كيف حالك، سيد كينيون؟ لقد نسيتك للحظة. ظننت أنني قد قابلتك في حي السيتي في مكان ما. أرجو أن تكون في أحسن حال بعد رحلتك.» وثبت السيد لونجوورث الشاب نظارته الأحادية العدسة في مكانها ونظر باتجاه كينيون. «أنا في خير حال، شكرا لك.» «أرى ذلك. أرى أن عملك مع شركة لندن سينديكيت قد انتهى الآن، أليس كذلك؟» «بلى، لقد انتهينا منه.» «آه، وماذا تفعل الآن؟ هل لديك أي عمل آخر؟» «في واقع الأمر، هذا ما أردت مقابلتك بشأنه.» «حقا؟» «نعم؛ أنا ... ربما تتذكر أننا تحدثنا قليلا عن أحد مناجم الميكا بالقرب من نهر أوتاوا، أليس كذلك؟» «يا ألله، نعم. كما ترى، كانت الرحلة ... كان هذا على متن السفينة، على ما أعتقد، أليس كذلك؟»
قال جون: «بلى.» وذهب إلى مكتب الرجل الشاب وجلس على كرسي بجواره. حول الرجل العجوز نظره إلى الأوراق الخاصة به، وترك الشابين يتحدثان معا. «هل تقصد أن تقول إنك لا تتذكر الحديث الذي أجريناه ذات يوم على سطح السفينة بشأن منجم للميكا؟»
نظر إليه لونجوورث الشاب بنظرة متحيرة، كما لو أنه لم يكن بإمكانه على وجه التحديد معرفة ما كان يتحدث بشأنه.
ثم قال: «أتذكر أنك أخبرتني بأنك قد أرسلت من قبل شركة لندن سينديكيت لفحص بعض المناجم؛ لكنني لا أتذكر أن شيئا قد قيل بشأنها.» «إنه لم يكن بشأنها على الإطلاق؛ لقد كان بشأن منجم آخر ، لدي عقد خيار شراء فيه. ربما تتذكر أن ابنة عمك قد قدمتني إليك. بدا أنك كنت تعتقد في ذلك الوقت أن السعر الذي سنطرح به المنجم قليل للغاية.» «يا إلهي، نعم! لقد تذكرت الآن شيئا عن هذا، عندما ذكرت هذا. دعني أتذكر، كم كان سعره؟ مليون، ألم يكن كذلك؟»
قال كينيون، مقطبا جبينه: «لا، لا.» ولم يكن يعجبه على الإطلاق المنحى الذي أخذه الحوار. وأضاف: «لا، ليس مليونا، أو أي شيء قريب من هذا المبلغ.» «آه، أنا آسف لهذا. كما ترى، عمي وأنا نادرا ما نعمل في شيء لا يستحق؛ ألا ترى أن أي شيء يقل سعره عن مليون لن يستحق عناء الاهتمام به؟» «أنا لا أرى هذا؛ يبدو لي أن الأشياء التي يقل سعرها عن مليون تستحق قضاء القليل من الوقت فيها؛ على الأقل، أرى أنها تستحق ذلك.» «هذا قد يكون صحيحا جدا؛ لكن، كما ترى، عمي لا يهتم كثيرا إلا بالأعمال الضخمة.» «إذا كنت تتذكر، يا سيد لونجوورث، عمك لم يأت ذكره في هذا الأمر على الإطلاق. بدا أن ابنة عمك كانت تعتقد أنك قد يكون لديك بعض الاهتمام به. لقد أخبرتني، عندما قلت إن السعر الذي سنطرح المنجم للبيع به هو خمسون ألف جنيه، بأن المبلغ صغير للغاية؛ على الأقل، سيترك هامش ربح قليلا للغاية بحيث يصعب تقسيمه على ثلاثة أشخاص.» «في الواقع، أعتقد أنني كنت على حق تماما في هذا الشأن.» «وقلت أيضا إنك ستشارك في الأمر معنا إن رفعنا المبلغ إلى مائتي ألف جنيه.» «هل قلت هذا؟» «نعم. توقف الأمر حينها على رأي شريكي. لقد قلت إنني سوف أتحدث إليه عن الأمر، وإن وافق، سأوافق أنا كذلك. لكن وقعت بعض الأحداث التي جعلت من المستحيل بالنسبة إلي أن أخوض في تفاصيل الأمر معه على متن السفينة؛ لكنني تحدثت إليه اليوم في مكتبه، وهو على أتم الاستعداد لعرض المنجم للبيع بمائتي ألف جنيه، بشرط أن تثبت الأرقام التي أعطيتها إياه أن المنجم سيدر ربحا معقولا على هذا المبلغ.» «حسنا، يبدو لي أنه من المحزن عرض المنجم للبيع بسعر خمسين ألف جنيه إذا كان يستحق حقا مائتي ألف جنيه. ألا تعتقد ذلك؟» «بلى، أعتقد ذلك؛ لذا، جئت لرؤيتك بهذا الشأن. أود أن أقول إن ونتوورث سيفحص بعناية الأرقام التي أعطيتها له، ويرى إن كان بها أي خطأ. وإن لم يكن هناك خطأ بها، وإن وجدنا أن سعر المنجم يمكن رفعه إلى مائتي ألف جنيه، فسأكون ممتنا للغاية للحصول على مساعدتك في هذا الأمر، وسنتقاسم كل شيء بالتساوي معك. يعني هذا أن كلا منا سيأخذ الثلث.» «إن كنت أتذكر جيدا، سألتك سؤالا لم تجب عنه. سألتك كم ستدفع ثمنا للمنجم.»
اندهش كينيون من هذا النوع الغريب من الذاكرة التي يمكنها نسيان محادثة بأكملها ومع ذلك تتذكر على نحو دقيق تفصيلة صغيرة منها.
ومع ذلك، رد قائلا: «بالطبع، أنت في ذلك الوقت لم تقل إنك ستنضم إلينا. أدرك أن من حقك أن تعرف على وجه التحديد المبلغ الذي سندفعه ثمنا للمنجم إذا كنت ستصبح شريكنا. ويجوز لي أن أقول إننا لم ندفعه بعد، لكن لدينا فقط عقد خيار شراء عليه بسعر معين، وبالطبع، إذا أمكننا بيعه بمائتي ألف جنيه، فسنحصل على مبلغ كبير نستطيع اقتسامه بيننا. والآن، إذا كنت تعتقد أنك ستنضم إلينا وتفعل كل ما في وسعك لإنجاح هذا المشروع، فسأخبرك بالتفاصيل المالية لعقدنا الخاص بمنجم الميكا.» «في الواقع، كما ترى، أنا لم أقل بعد إنني سأنضم إليكما. إنها في الحقيقة مسألة بسيطة جدا. من المفترض ألا توجد أي صعوبة في عرض هذا المنجم للبيع في سوق لندن، فيما عدا إذا لم يكن الأمر يستحق. ومع ذلك، يجب أن أعرف على وجه الدقة المبلغ الذي ستدفعانه ثمنا للمنجم قبل أن أمضي قدما في الأمر.» «رائع جدا، إذن، دعني أخبرك - على أن تجعل هذا سرا بيننا، وفقط لأنني أتوقع أنك ستصبح شريكا معنا - بأن المبلغ المعروض علينا لشراء المنجم هو عشرون ألف جنيه.»
Unknown page