255

Al-īmān

الإيمان

Editor

محمد ناصر الدين الألباني

Publisher

المكتب الإسلامي،عمان

Edition

الخامسة

Publication Year

١٤١٦هـ/١٩٩٦م

Publisher Location

الأردن

مثل حبة لها ظاهر وباطن وهي واحدة، لا يقال: حبتان لتفاوت صفتهما. فكذلك أعمال الإسلام من الإسلام هو ظاهر الإيمان، وهو من أعمال الجوارح، والإيمان باطن الإسلام وهو من أعمال القلوب.
وروى عن النبي ﷺ أنه قال: " الإسلام علانية، والإيمان في القلب " وفي لفظ: " الإيمان سر " فالإسلام أعمال الإيمان، والإيمان عقود الإسلام، فلا إيمان إلا بعمل، ولا عمل إلا بعقد. ومثل ذلك مثل العمل الظاهر والباطن، أحدهما مرتبط بصاحبه من أعمال القلوب وعمل الجوارح، ومثله قول رسول الله ﷺ: " إنما الأعمال بالنيات " أي: لا عمل إلا بعقد وقصد؛ لأن [إنما] تحقيق للشيء ونفي لما سواه، فأثبت بذلك عمل الجوارح من المعاملات، وعمل القلوب من النيات، فمثل العمل من الإيمان كمثل الشفتين من اللسان لا يصح الكلام إلا بهما؛ لأن الشفتين تجمع الحروف، واللسان يظهر الكلام، وفي سقوط أحدهما بطلان الكلام، وكذلك في سقوط العمل ذهاب الإيمان؛ ولذلك حين عدد الله نعمه على الإنسان بالكلام ذكر الشفتين مع اللسان في قوله: ﴿أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ﴾ [البلد: ٨، ٩] بمعنى: ألم نجعله ناظرًا متكلما، فعبر عن الكلام باللسان والشفتين لأنهما مكان له وذكر الشفتين؛ لأن الكلام الذي جرت به النعمة لا يتم إلا بهما.
ومثل الإيمان والإسلام أيضًا كفسطاط قائم في الأرض له ظاهر وأطناب، وله عمود في باطنه، فالفسطاط مثل الإسلام له أركان من أعمال العلانية والجوارح، وهي الأطناب التي تمسك أرجاء الفسطاط، والعمود الذي في وسط الفسطاط مثله كالإيمان لا قوام للفسطاط إلا به. فقد احتاج الفسطاط إليها، إذ لا قوام له ولا قوة إلا بهما، كذلك الإسلام في أعمال الجوارح لا قوام له إلا بالإيمان، والإيمان من أعمال القلوب لا نفع له إلا بالإسلام، وهو صالح الأعمال.

1 / 262