216

Al-īmān

الإيمان

Editor

محمد ناصر الدين الألباني

Publisher

المكتب الإسلامي،عمان

Edition Number

الخامسة

Publication Year

١٤١٦هـ/١٩٩٦م

Publisher Location

الأردن

هُم بِهِ مُشْرِكُونَ﴾ [النحل: ٩٨: ١٠٠]، فإن المستعيذ بالله مستجير به، لاجئ إليه، مستغيث به من الشيطان، فالعائذ بغيره مستجير به؛ فإذا عاذ العبد بربه كان مستجيرًا به متوكلًا عليه فيعيذه الله من الشيطان ويجيره منه، ولذلك قال الله تعالى: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [فصلت: ٣٤: ٣٦] .
وفي الصحيحين عن النبي ﷺ أنه قال: " إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ". فأمر سبحانه بالاستعاذة عند طلب العبد الخير؛ لئلًا يعوقه الشيطان عنه، وعندما يعرض عليه من الشر ليدفعه عنه عند إرادة العبد للحسنات، وعند ما يأمره الشيطان بالسيئات؛ ولهذا قال النبي ﷺ: " لا يزال الشيطان يأتي أحدكم فيقول: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول: من خلق الله؟ فمن وجد ذلك فليستعذ بالله ولينته "، فأمر بالاستعاذة عندما يطلب الشيطان أن يوقعه في شر أو يمنعه من خير، كما يفعل العدو مع عدوه.
وكلما كان الإنسان أعظم رغبة في العلم والعبادة، وأقدر على ذلك من غيره بحيث تكون قوته على ذلك أقوى، ورغبته وإرادته في ذلك أتم، كان ما يحصل له إن سلمه الله من الشيطان أعظم، وكان ما يفتتن به إن تمكن منه الشيطان أعظم؛ ولهذا قال الشعبي: كل أمة علماؤها شرارها، إلا المسلمين فإن علماءهم خيارهم.
وأهل السنة في الإسلام، كأهل الإسلام في الملل، وذلك أن كل أمة غير المسلمين فهم ضالون، وإنما يضلهم علماؤهم؛ فعلماؤهم شرارهم، والمسلمون على هدى، وإنما يتبين الهدى بعلمائهم، فعلماؤهم خيارهم، وكذلك أهل السنة، أئمتهم خيار الأمة، وأئمة أهل البدع أضر على الأمة من أهل الذنوب، ولهذا أمر النبي صلىالله عليه وسلم بقتل الخوارج، ونهى عن قتال الولاة

1 / 223