149

Iman

الإيمان

Investigator

محمد ناصر الدين الألباني

Publisher

المكتب الإسلامي،عمان

Edition Number

الخامسة

Publication Year

١٤١٦هـ/١٩٩٦م

Publisher Location

الأردن

والقول الثاني: من يقول: هو مجرد قول اللسان، وهذا لا يعرف لأحد قبل الكَرَّامية. والثالث: تصديق القلب وقول اللسان، وهذا هو المشهور عن أهل الفقه والعبادة منهم، وهؤلاء غلطوا من وجوه: أحدها: ظنهم أن الإيمان الذي فرضه الله على العباد متماثل في حق العباد، وأن الإيمان الذي يجب على شخص يجب مثله على كل شخص، وليس الأمر كذلك فإن اتباع الأنبياء المتقدمين أوجب الله عليهم من الإيمان ما لم يوجبه على أمة محمد، وأوجب على أمة محمد من الإيمان ما لم يوجبه على غيرهم، والإيمان الذي كان يجب قبل نزول جميع القرآن، ليس هو مثل الإيمان الذي يجب بعد نزول القرآن، والإيمان الذي يجب على من عرف ما أخبر به الرسول مفصلًا ليس مثل الإيمان الذي يجب على من عرف ما أخبر به مجملًا، فإنه لابد في الإيمان من تصديق الرسول في كل ما أخبر، لكن من صدق الرسول ومات عقب ذلك لم يجب عليه من الإيمان غير ذلك. وأما من بلغه القرآن والأحاديث وما فيهما من الأخبار والأوامر المفصلة فيجب عليه من التصديق المفصل بخبر خبر، وأمر أمر ما لا يجب على من لم يجب عليه إلا الإيمان المجمل؛ لموته قبل أن يبلغه شيء آخر. وأيضًا لو قدر أنه عاش، فلا يجب على كل واحد من العامة أن يعرف كل ما أمر به الرسول، وكل ما نهى عنه وكل ما أخبر به، بل إنما عليه أن يعرف ما يجب عليه هو وما يحرم عليه، فمن لا مال له لا يجب عليه أن يعرف أمره المفصل في الزكاة، ومن لا استطاعة له على الحج ليس عليه أن يعرف أمره المفصل بالمناسك، ومن لم يتزوج ليس عليه أن يعرف ما وجب للزوجة، فصار يجب من الإيمان تصديقًا وعملًا على أشخاص ما لا يجب على آخرين. وبهذا يظهر الجواب عن قولهم: خوطبوا بالإيمان قبل الأعمال. فنقول: إن قلتم: إنهم خوطبوا به قبل أن تجب تلك الأعمال، فقبل وجوبها لم تكن من

1 / 156