Imama Wa Siyasa
الامامة والسياسة
المكارم، وارتجى لحمل العظائم، وأشد الناس في العدو نكاية، وأحسنهم صنعا في الولاية، وأنت أغنى بأمرك، وأحفظ لوصيتك، وأحرز لنفسك. أسأل الله لأمير المؤمنين العافية في غير جهد، والنعمة في غير تغيير.
ما قال الأحنف بن قيس
قال: فقال معاوية: أوكلكم قد أجمع رأيه على ما ذكرنا؟فقالوا: كلنا قد أجمع رأيه على ما ذكرنا. قال: فأين الأحنف؟فأجابه، قال: ألا تتكلم؟فقام الأحنف فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أصلح الله أمير المؤمنين، إن الناس قد أمسكوا في منكر زمان قد سلف، ومعروف زمان مؤتنف[ (1) ]، ويزيد ابن أمير المؤمنين نعم الخلف، وقد حلبت الدهر أشطره[ (2) ]يا أمير المؤمنين، فاعرف من تسند إليه الأمر من بعدك، ثم أعص أمر من يأمرك، لا يغررك من يشير عليك، ولا ينظر لك، وأنت انظر للجماعة، وأعلم باستقامة الطاعة، مع أن أهل الحجاز وأهل العراق لا يرضون بهذا، ولا يبايعون ليزيد ما كان الحسن حيا[ (3) ]و[ (4) ].
ما رد الضحاك بن قيس عليه
قال: فغضب الضحاك بن قيس، فقام الثانية، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أصلح الله أمير المؤمنين. إن أهل النفاق من أهل العراق، مروءتهم في أنفسهم الشقاق، وألفتهم في دينهم الفراق، يرون الحق على أهوائهم، كأنما ينظرون بأقفائهم، اختالوا جهلا وبطرا، لا يرقبون من الله راقبة، ولا يخافون وبال عاقبة، اتخذوا إبليس لهم ربا، واتخذهم إبليس حزبا، فمن يقاربوه لا يسروه، ومن يفارقوه لا يضروه، فادفع رأيهم يا أمير المؤمنين في نحورهم، وكلامهم في صدورهم، ما للحسن وذوي الحسن في سلطان الله الذي استخلف [ (1) ]مؤتنف: مستقبل.
[ (2) ]حلب الدهر أشطره. مثل يقال للرجل المجرب الأمور الذي قاسي الشدة والرخاء وتصرف في الفقر والغنى (انظر جمهرة الأمثال 1/346 المستقصى 2/64 مجمع الأمثال 1/195) .
[ (3) ]قارن كلام الأحنف مع ما ذكره العقد الفريد 4/370 ابن الأعثم 4/232 ابن الأثير 2/511 مروج الذهب 3/34.
[ (4) ]يفهم من كلام الأحنف أن ذلك حصل قبل وفاة الحسن بن علي أي قبل سنة 50 والمشهور أن وفاة الحسن كانت سنة 49. (انظر ما لاحظناه ص 188 حاشية رقم 2) .
Page 191