بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
قَالَ الشَّيْخ الإِمَام الْحَافِظ أَبُو نعيم أَحْمد بن عبد الله بن أَحْمد بن إِسْحَاق سبط مُحَمَّد بن يُوسُف الْفَارِسِي ﵃:
الْحَمد لله الْمُوفق الْمعِين وَصلى الله على مُحَمَّد الْأمين وعَلى الصفوة من صحابته وَآله وأجمعين وأسأل الله المعونة على مَا كلف والعصمة مِمَّا خوف وَعَلِيهِ أتوكل وإياه استهدي واستوفق لما يقرب من رِضَاهُ وَيبعد من عِقَابه، ويوصل إِلَى جزيل ثَوَابه، وَاعْلَم أَن النَّاس قد تشَتت آراؤهم، وَاخْتلفت أهواؤهم وانشعبوا شعبًا فصاروا فرقا مُخْتَلفين وأحزابًا متباينين قد عظمت محنتهم فِي الْإِمَامَة فِي ابْن أبي قُحَافَة، وَثبتت محبتهم لَهُم، فَمن قَائِل
1 / 205
قَالَ: أفضل النَّاس بعد الرَّسُول ﷺ َ - وأولاهم بِالْإِمَامَةِ بعده أَبُو بكر الصّديق ﵁ ثمَّ عمر بن الْخطاب ﵁ وَمِنْهُم من يَقُول: أَبُو بكر ثمَّ عمر، ثمَّ عَليّ ﵃.
وَمِنْهُم من يَقُول: أَبُو بكر، ثمَّ عمر، ثمَّ عُثْمَان، ووقف.
وَمِنْهُم من يَقُول: أَبُو بكر، ثمَّ عمر، ثمَّ عُثْمَان ثمَّ عَليّ ﵃ أَجْمَعِينَ، وَذَلِكَ قَول أهل الْجَمَاعَة، والأثر من رَوَاهُ الحَدِيث وَجُمْهُور الْأمة.
1 / 206
وَمِنْهُم من يَقُول: أَبُو بكر وَعمر، وَيقف عِنْد عُثْمَان وَعلي.
وَمِنْهُم من يَقُول: أحقهم وأفضلهم بِالْإِمَامَةِ بعد الرَّسُول ﷺ َ - عَليّ بن أبي طَالب ﵁، وهم (الإمامية) .
وكل هَذِه الْفرق مقلد فِيمَا انتحل سلفا يحْتَج بِهِ (... ... . .) مِمَّن يخالفهم ويعاديه.
واستعنت الله تَعَالَى وأودعت هَذَا الْجُزْء بَيَان الأصوب من النَّحْل والأقوم من المقالات والملل، وَأجْمع فِي ذَلِك مَا مدح الله تَعَالَى بِهِ الصفوة من
1 / 207
صحابة النَّبِي ﷺ َ -، وَثَبت عَن الرَّسُول ﷺ َ - فِي مناقبهم وفضائلهم وَدلّ على مَرَاتِبهمْ وسوابقهم، وَمَا اجْتمع عَلَيْهِ الصَّحَابَة ﵃ بعده وهم الممدوحون على لِسَان نبيه ﷺ َ - بالخصال الحميدة والفضائل الْكَرِيمَة قَالَ الله ﵎: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَولونَ من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار وَالَّذين اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَان رَضِي الله عَنْهُم وَرَضوا عَنهُ﴾ .
وَقَالَ ﵎: ﴿لقد رَضِي الله عَن الْمُؤمنِينَ إِذْ يُبَايعُونَك تَحت الشَّجَرَة. .﴾ الْآيَة، وَقَالَ ﵎: ﴿أُولَئِكَ الَّذين امتحن الله قُلُوبهم للتقوى لَهُم مغْفرَة وَأجر عَظِيم﴾ وَقَالَ ﵎: ﴿أُولَئِكَ الَّذين هدَاهُم الله وَأُولَئِكَ هم أولُوا الْأَلْبَاب﴾، وَقَالَ ﵎: ﴿أُولَئِكَ عَلَيْهِم صلوَات من رَبهم وَرَحْمَة، وَأُولَئِكَ هم المهتدون﴾ وَقَالَ ﵎: ﴿وألزمهم كلمة التَّقْوَى، وَكَانُوا أَحَق بهَا وَأَهْلهَا﴾ وَقَالَ ﵎: ﴿هُوَ الَّذِي أنزل السكينَة فِي قُلُوب الْمُؤمنِينَ ليزدادوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانهم﴾ الْآيَة. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿مُحَمَّد رَسُول الله وَالَّذين مَعَه﴾ ... إِلَى آخر السُّورَة، وَقَالَ: (فانقلبوا بِنِعْمَة من الله وَفضل لم يمسسهم
1 / 208
سوء﴾) الْآيَة، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿يَا أَيهَا النَّبِي حَسبك الله وَمن اتبعك من الْمُؤمنِينَ﴾ وَقَالَ تَعَالَى: ﴿هُوَ الَّذِي أيدك بنصره وَبِالْمُؤْمِنِينَ﴾ .
وَقَالَ تَعَالَى: ﴿لَكِن الرَّسُول وَالَّذين آمنُوا مَعَه﴾ الْآيَتَيْنِ.
سمحت نُفُوسهم ﵃ بِالنَّفسِ وَالْمَال وَالْولد والأهل وَالدَّار، ففارقوا الأوطان وَهَاجرُوا الإخوان، وَقتلُوا الْآبَاء والإخوان وبذلوا النُّفُوس صابرين، وأنفقوا الْأَمْوَال محتسبين وناصبوا من ناوأهم متوكلين فآثروا رِضَاء الله على الْغناء، والذل على الْعِزّ، والغربة على الوطن.
هم الْمُهَاجِرُونَ الَّذين أخرجُوا من دِيَارهمْ وَأَمْوَالهمْ يَبْتَغُونَ فضلا من الله ورضوانًا وينصرون الله وَرَسُوله أُولَئِكَ هم الصادقون حَقًا، ثمَّ إخْوَانهمْ من
1 / 209
الْأَنْصَار أهل الْمُوَاسَاة والإيثار أعز قبائل الْعَرَب جارًا، وَاتخذ الرَّسُول ﵇ دَارهم أمنا وقرارًا الأعفاء الصَّبْر، والأصدقاء الزهر، ﴿وَالَّذين تبوؤ الدَّار وَالْإِيمَان من قبلهم يحبونَ من هَاجر إِلَيْهِم وَلَا يَجدونَ فِي صُدُورهمْ حَاجَة مِمَّا أُوتُوا ويؤثرون على أنفسهم وَلَو كَانَ بهم خصَاصَة﴾ فَمن انطوت سَرِيرَته على محبتهم، ودان الله تَعَالَى بتفضيلهم ومودتهم وتبرأ مِمَّن أضمر بغضهم، فَهُوَ الفائز بالمدح الَّذِي مدحهم الله تَعَالَى بِهِ فَقَالَ: ﴿وَالَّذين جَاءُوا من بعدهمْ يَقُولُونَ رَبنَا اغْفِر لنا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذين سبقُونَا بِالْإِيمَان. .﴾ الْآيَة.
فالصحابة ﵃ هم الَّذين تولى الله شرح صُدُورهمْ فَأنْزل السكينَة على قُلُوبهم وبشرهم برضوانه وَرَحمته فَقَالَ: (يبشرهم رَبهم برحمة
1 / 210
مِنْهُ ورضوان﴾ جعلهم خير أمة أخرجت للنَّاس يأمرون بِالْمَعْرُوفِ وَينْهَوْنَ عَن الْمُنكر ويطيعون الله وَرَسُوله، فجعلهم مثلا للكتابين، لأهل التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل، خير الْأُمَم أمته وَخير الْقُرُون قرنه، يرفع الله من أقدارهم إِذْ أَمر الرَّسُول ﵇ بمشاورتهم لما علم من صدقهم وَصِحَّة إِيمَانهم وخالص مَوَدَّتهمْ ووفور عقلهم ونبالة رَأْيهمْ وَكَمَال نصيحتهم، وَتبين أمانتهم ﵃ أَجْمَعِينَ.
1 / 211
خلَافَة أَمِير الْمُؤمنِينَ أبي بكر الصّديق ﵁ وأرضاه
١ - حَدثنَا أَبُو بكر الطلحي، حَدثنَا عبيد بن غَنَّام، حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، حَدثنَا أَبُو الْأَحْوَص، عَن مَنْصُور، عَن إِبْرَاهِيم، عَن عُبَيْدَة، عَن عبد الله قَالَ:
قَالَ رَسُول الله ﷺ َ -: " خير أمتِي الْقرن الَّذِي أَنا فِيهِ ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ ". رَوَاهُ شُعْبَة، وَالثَّوْري، وَجَرِير عَن مَنْصُور
٢ - حَدثنَا عبد الله بن جَعْفَر قِرَاءَة، حَدثنَا مُوسَى بن حبيب حَدثنَا أَبُو
1 / 212
دَاوُد، حَدثنَا هِشَام، عَن قَتَادَة، عَن زُرَارَة عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ:
قَالَ رَسُول الله ﷺ َ -: " خير أمتِي الْقرن الَّذِي بعثت فيهم، ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ، ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ، ثمَّ يَأْتِي قوم من بعد ينذرون وَلَا يُوفونَ، ويخونون وَلَا يؤتمنون، وَيشْهدُونَ وَلَا يستشهدون، ويفشو فيهم السّمن ".
٣ - حَدثنَا حبيب بن الْحسن، حَدثنَا أَبُو مُسلم الْكَجِّي، حَدثنَا أَبُو
1 / 213
عَاصِم عَن مُحَمَّد بن عجلَان، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
سَأَلنَا رَسُول الله ﷺ َ - عَن خير النَّاس قَالَ: أَنا وَمن معي، قيل ثمَّ من، قَالَ: الَّذين على الْأَثر
٤ - حَدثنَا سُلَيْمَان بن أَحْمد، حَدثنَا مُحَمَّد بن عُثْمَان بن أبي شيبَة حَدثنَا أَحْمد بن يُونُس، حَدثنَا زَائِدَة عَن عَاصِم عَن خَيْثَمَة عَن النُّعْمَان بن بشير قَالَ:
قَالَ رَسُول الله ﷺ َ -: " خير النَّاس قَرْني ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ " الحَدِيث.
فَلم تنكر فرقة من هَذِه الْفرق المدائح الَّتِي مدح الله بهَا أَصْحَاب رَسُول الله ﷺ َ - على لِسَان نبيه ﷺ َ - وَأَن الصَّحَابَة هم خير الْأُمَم.
فَيُقَال للإمامية الطاعنين على الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار اجْتِمَاعهم على تقدمة
1 / 214
الصّديق ﵁: أَكَانَ اجْتِمَاعهم عَلَيْهِ على إِكْرَاه مِنْهُ لَهُم بِالسَّيْفِ، أَو تأليف مِنْهُ لَهُم بِمَال، أَو غَلَبَة بعشيرة، فَإِن الِاجْتِمَاع لَا يَخْلُو من هَذِه الْوُجُوه، وكل ذَلِك مُسْتَحِيل مِنْهُم لأَنهم (المديحة) والمروءة وَالدّين والنصيحة، وَلَو كَانَ شَيْء من هَذِه الْوُجُوه، أَو أُرِيد وَاحِد مِنْهُم على الْمُبَايعَة كَارِهًا لَكَانَ ذَلِك مَنْقُولًا عَنْهُم ومنتشرًا.
فَأَما إِذا أَجمعت الْأمة على أَن لَا إِكْرَاه، وَالْغَلَبَة والتأليف غير مُمكن مِنْهُم وَعَلَيْهِم، فقد ثَبت أَن اجْتِمَاعهم لما علمُوا مِنْهُ من الِاسْتِحْقَاق والتفضيل والسابقة وقدموه وَبَايَعُوهُ لما خصّه الله تَعَالَى بِهِ من المناقب والفضائل.
1 / 215
صفحة فارغة
1 / 216
فاذكر أَيهَا الطاعن على إِمَامَته مَا تحتج بِهِ فستعارض بنقضه فَأَما مَا خصّه الله تَعَالَى بِهِ من الْفَضَائِل والمدائح فلسنا بمنكريه وَلَا دافعيه، فَإنَّك إِن احتججت بالإخبار لزمك الْقبُول لَهَا من مخالفيك وَإِلَّا يكون أخبارك لَا لَك وَلَا على غَيْرك، فَلَو قبلت الْأَخْبَار، قبلت مِنْك، فَكَانَت لَك وَعَلَيْك.
فَإِذا احْتج بالأخبار وَقَالَ:
قَالَ رَسُول الله ﷺ َ -: " من كنت مَوْلَاهُ فعلي مَوْلَاهُ ".
1 / 217
قيل لَهُ: مَقْبُول مِنْك، وَنحن نقُول: وَهَذِه فَضِيلَة بَينه لعَلي بن أبي طَالب ﵇، وَمَعْنَاهُ من كَانَ النَّبِي ﷺ َ - مَوْلَاهُ فعلي وَالْمُؤمنِينَ موَالِيه.
دَلِيل ذَلِك قَول الله ﵎: ﴿وَالْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات بَعضهم أَوْلِيَاء بعض﴾ .
وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَالَّذين كفرُوا بَعضهم أَوْلِيَاء بعض﴾ .
وَالْوَلِيّ والموالي فِي كَلَام الْعَرَب وَاحِد، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ قَوْله ﵎: ﴿ذَلِك بِأَن الله مولى الَّذين آمنُوا وَأَن الْكَافرين لَا مولى لَهُم﴾ أَي لَا ولي لَهُم وهم عبيده وَهُوَ مَوْلَاهُم وَإِنَّمَا أَرَادَ لَا ولي لَهُم.
وَقَالَ: ﴿فَإِن الله هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيل وَصَالح الْمُؤمنِينَ﴾ .
وَقَالَ: ﴿الله ولي الَّذين آمنُوا يخرجهم من الظُّلُمَات إِلَى النُّور﴾
وَقَالَ: ﴿وَمن يتَوَلَّى الله وَرَسُوله وَالَّذين آمنُوا فَإِن حزب الله هم الغالبون﴾ .
1 / 218
صفحة فارغة
1 / 219
وَإِنَّمَا هَذِه منقبة من النَّبِي ﷺ َ - لعَلي ﵁ وحث على محبته وترغيب فِي ولَايَته لما ظهر من ميل الْمُنَافِقين ٥ / ب عَلَيْهِ وبغضهم لَهُ، وَكَذَلِكَ قَالَ ﷺ َ -: " لَا يحبك إِلَّا مُؤمن وَلَا يبغضك إِلَّا مُنَافِق ".
وَحكي عَن ابْن عُيَيْنَة أَن عليا ﵁ وَأُسَامَة تخاصما فَقَالَ عَليّ لأسامة: أَنْت مولَايَ، فَقَالَ: لست لَك مولى إِنَّمَا مولَايَ رَسُول الله ﷺ َ - فَقَالَ رَسُول الله ﷺ َ -: " من كنت مَوْلَاهُ فعلي مَوْلَاهُ ".
وَهَذَا كَمَا يَقُول النَّاس: فلَان مولي بني هَاشم، وَمولى بني أُميَّة، وَإِنَّمَا الْحَقِيقَة وَاحِد مِنْهُم، وَمِمَّا يُؤَيّد مَا حُكيَ عَن ابْن عُيَيْنَة حَدِيث.
٥ - حَدثنَا عبد الله بن جَعْفَر قِرَاءَة قَالَ حَدثنَا يُونُس بن حبيب، حَدثنَا دَاوُد حَدثنَا شُعْبَة عَن سعد بن إِبْرَاهِيم قَالَ سَمِعت عبد الرَّحْمَن الْأَعْرَج قَالَ شُعْبَة وَلَا أعلم إِلَّا عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله قَالَ:
الْأَنْصَار وقريش وَمُزَيْنَة " وجهينة " وغفار وَأسلم وَأَشْجَع بَعضهم موَالِي بعض لَيْسَ لَهُم دمولى ون الله وَرَسُوله.
فَظَاهر هَذَا اللَّفْظ رَافع لقَوْله: من كنت مَوْلَاهُ، لِأَنَّهُ ﷺ َ - أخبر أَن كل هَؤُلَاءِ الْقَبَائِل موَالِي الله وَرَسُوله
1 / 220
فَإِن قَالَ: قد ثَبت عَن رَسُول الله ﷺ َ - أَنه قَالَ لعَلي " أَنْت مني بِمَنْزِلَة هَارُون من مُوسَى ".
قيل لَهُ: كَذَلِك نقُول فِي استخلافه على الْمَدِينَة فِي حَيَاته بِمَنْزِلَة هَارُون من مُوسَى، وَإِنَّمَا خرج هَذَا القَوْل لَهُ من النَّبِي ﷺ َ - عَام تَبُوك، إِذْ خَلفه بِالْمَدِينَةِ فَذكر المُنَافِقُونَ أَنه مله وَكره صحبته، فلحق بالرسول ﷺ َ - فَذكر لَهُ قَوْلهم فَقَالَ ﷺ َ -: " بل خلفتك كَمَا خلف مُوسَى هَارُون ".
٦ - حَدثنَا فاروق الْخطابِيّ حَدثنَا أَبُو مُسلم الْكَجِّي حَدثنَا مُسلم بن إِبْرَاهِيم حَدثنَا يُوسُف بن يَعْقُوب الْمَاجشون عَن ابْن الْمُنْكَدر عَن سعيد بن الْمسيب، عَن عَامر بن سعد عَن أَبِيه سعد أَنه سمع النَّبِي ﷺ َ - يَقُول لعَلي: " أما ترْضى أَن تكون مني بِمَنْزِلَة هَارُون بن مُوسَى إِلَّا أَنه لَا نَبِي بعدِي ".
1 / 221
٧ - حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر بن الْهَيْثَم، حَدثنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد بن شَاكر الصَّائِغ، حَدثنَا مُحَمَّد بن سَابق، حَدثنَا فُضَيْل بن مَرْزُوق عَن عَطِيَّة، عَن أبي سعيد قَالَ:
خلف رَسُول الله ﷺ َ - عليا فِي أَهله حِين غزا غزَاة تَبُوك فَقَالَ بعض النَّاس: مَا مَنعه أَن يخرج إِلَّا أَنه كره صحبته فَبلغ ذَلِك عليا ﵇ فَقَالَ لرَسُول الله ﷺ َ - زعم النَّاس أَنَّك تخلفني إِلَّا أَنَّك كرهت صحبتي، فَقَالَ رَسُول الله ﷺ َ -: " يَا بن أبي طَالب أما ترْضى أَن تنزل مني بِمَنْزِلَة هَارُون من مُوسَى.
فَإِن قَالَ الطاعن: لم يرد استخلافه على الْمَدِينَة.
قيل لَهُ: هَل شَاركهُ فِي النُّبُوَّة كَمَا شَارك هَارُون مُوسَى.
فَإِن قَالَ: نعم، كفر وَإِن قَالَ: لَا، قيل لَهُ فَهَل كَانَ أَخَاهُ فِي النّسَب فَإِن قَالَ: نعم فقد كذب. فَإِذا بطلت أخوة النّسَب ومشاركة النُّبُوَّة فقد صَحَّ وَجه الِاسْتِخْلَاف، وَإِن جعل استخلافه فِي حَيَاته على الْمَدِينَة أصلا فقد كَانَ ﷺ َ - يسْتَخْلف فِي كل غزَاة غَزَاهَا غَيره من أَصْحَابه كَابْن أم مَكْتُوم، وخفاف بن إِيمَاء بن رَوْضَة الْغِفَارِيّ وَغَيرهمَا من خلفائه.
1 / 222
فَإِن احْتج بقوله ﵇: " عَليّ مني وَأَنا مِنْهُ ".
٨ - حَدثنَا سُلَيْمَان بن أَحْمد حَدثنَا عَليّ بن عبد الْعَزِيز، حَدثنَا بن غَسَّان مَالك بن إِسْمَاعِيل، حَدثنَا إِسْرَائِيل، عَن عبد الْأَعْلَى عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس.
إِن رجلا وَقع فِي أَب للْعَبَّاس كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة، فَلَطَمَهُ الْعَبَّاس، فجَاء قومه فَبلغ ذَلِك النَّبِي ﷺ َ -، فَصَعدَ الْمِنْبَر وَقَالَ: أَي أهل الأَرْض تعلمُونَ أكْرم على الله؟ قَالُوا: أَنْت قَالَ: فَإِن الْعَبَّاس مني وَأَنا مِنْهُ اهـ.
1 / 223
٩ - حَدثنَا عبد الله بن جَعْفَر، حَدثنَا يُونُس بن حبيب، حَدثنَا أَبُو دَاوُد حَدثنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت، عَن كنَانَة بن نعيم الْهَرَوِيّ، عَن أبي بَرزَة الْأَسْلَمِيّ، أَن النَّبِي ﷺ َ - كَانَ فِي مغزى لَهُ، فَلَمَّا فرغ من الْقِتَال فَقَالَ: " وَهل تَفْقِدُونَ من أحد، لكنني أفقد جليبيبًا فوجوده عِنْد سَبْعَة قد قَتلهمْ وقتلوه "، فَأخْبر النَّبِي ﷺ َ - فَقَالَ: قتل سَبْعَة ثمَّ قَتَلُوهُ هَذَا مني وَأَنا مِنْهُ قَالَهَا مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا، ثمَّ مَال بذراعيه هَكَذَا فبسطها فَوضع على ذراعي النَّبِي ﷺ َ - حَتَّى حفر لَهُ فَمَا كَانَ لَهُ سَرِير إِلَّا ذراعي النَّبِي ﷺ َ - حَتَّى دفن.
فَإِن احْتج بِأَنَّهُ كَانَ ﵁ ختن رَسُول الله ﷺ َ -.
قيل لَهُ: قد شَاركهُ عُثْمَان بن عَفَّان وَغَيره ﵄ فِي هَذَا الْأَمر، فَإِن عُثْمَان كَانَ ختنه على ابْنَتَيْهِ.
وَابْن الْعَاصِ بن الرّبيع على ابْنَته
1 / 224