ونحن في هذا المقام ليس علينا أن نبين أن هذا كذب، بل يكفينا المطالبة بصحة النقل، فإن الله لم يوجب على الخلق أن يصدقوا بما لم يقم دليل على صدقه، بل هذا ممتنع بالاتفاق، لا سيما على القول بامتناع تكليف ما لا يطاق؛ فإن هذا من أعظم تكليف ما لا يطاق، فكيف يمكن الإنسان أن يثبت ادعاء علي للخلافة بمثل حكاية ذكرت عنه في أثناء المائة الرابعة، لما كثر الكذابون عليه، وصار لهم دولة تقبل منهم ما يقولون، سواء كان صدقا أو كذبا، وليس عندهم من يطالبهم بصحة النقل. وهذا الجواب عمدتنا في نفس الأمر، وفيما بيننا وبين الله تعالى.
ثم نقول: هب أن عليا قال ذلك، فلم قلت: إنه أراد إني إمام معصوم منصوص عليه، ولم لا يجوز أنه أراد أني كنت أحق بها من غيري، لاعتقاده في نفسه أنه أفضل وأحق من غيره، وحينئذ فلا يكون مخبرا عن أمر تعمد فيه الكذب، ولكن يكون متكلما باجتهاده، والاجتهاد يصيب ويخطئ.
ونفي الرجس لا يوجب أن يكون معصوما من الخطأ بالاتفاق، بدليل أن الله لم يرد من أهل البيت أن يذهب عنهم الخطأ، فإن ذلك غير مقدور عليه عندهم، والخطأ مغفور، فلا يضر وجوده.
وأيضا فالخطأ لا يدخل فيه عموم الرجس.
وأيضا فإنه لا معصوم من أن يقر على خطأ إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يخصون ذلك بالأئمة بعده، وإذهاب الرجس قد اشترك فيه علي وفاطمة وغيرهما من أهل البيت.
Page 83