وكان يستخلف في إقامة الحدود، كما قال لأنيس: ”يا أنيس اغد على امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها“(1) فغدا عليها فاعترفت فرجمها.
وكان يستخلف على الحج، كما استخلف أبا بكر على إقامة الحج عام تسع بعد غزوة تبوك، وكان علي من جملة رعية أبي بكر: يصلي خلفه، ويأتمر بأمره، وذلك بعد غزوة تبوك.
وكما استخلف على المدينة مرات كثيرة، فإنه كان كلما خرج في غزاة استخلف. ولما حج واعتمر استخلف، فاستخلف في غزوة بدر، وبني المصطلق، وغزوة الفتح، واستخلف في غزوة الحديبية، وفي غزوة القضاء، وحجة الوداع، وغير ذلك.
وإذا كان الاستخلاف في الحياة واجبا على متولي الأمر وإن لم يكن نبيا، مع أنه لا يجب عليه الاستخلاف بعد موته، لكون الاستخلاف في الحياة أمرا ضروريا لا يؤدى الواجب إلا به، بخلاف الاستخلاف بعد الموت، فإنه قد بلغ الأمة، وهو الذي يجب عليهم طاعته بعد موته، فيمكنهم أن يعينوا من يؤمرونه عليهم، كما يمكن ذلك في كل فروض الكفاية التي تحتاج إلى واحد معين - علم أنه لا يلزم من وجوب الاستخلاف في الحياة وجوبه بعد الموت.
رابع: أن الاستخلاف في الحياة واجب في أصناف الولايات، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يستخلف على من غاب عنهم من يقيم فيهم الواجب، ويستخلف في الحج، وفي قبض الصدقات، وحفظ مال الفيء، وفي إقامة الحدود، وفي الغزو وغير ذلك.
Page 39