بيان أن إمامة علي لم تكن من الدين الذي أمر بتبليغه صلى الله عليه وسلم قال الرافضي: الثاني: الخبر المتواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه لما نزل قوله تعالى: { يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك } [المائدة: 67] خطب الناس في غدير خم وقال للجمع كله: يا أيها الناس ألست أولى منكم بأنفسكم؟ قالوا: بلى. قال : من كنت مولاه فعلي مولاه. اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله. فقال عمر: بخ بخ، أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة. والمراد بالمولى هنا الأولى بالتصرف لتقدم التقرير منه صلى الله عليه وسلم بقوله: ألست أولى منكم بأنفسكم؟.
والجواب عن هذه الآية والحديث المذكور قد تقدم، وبينا أن هذا كذب، وأن قوله: { بلغ ما أنزل إليك من ربك } [المائدة: 67] نزل قبل حجة الوداع بمدة طويلة.
ويوم الغدير إنما كان ثامن عشر ذي الحجة بعد رجوعه من الحج، وعاش بعد ذلك شهرين وبعض الثالث. ومما يبين ذلك أن آخر المائدة نزولا قوله تعالى: { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي } [المائدة: 3] وهذه الآية نزلت بعرفة تاسع ذي الحجة في حجة الوداع، والنبي صلى الله عليه وسلم واقف بعرفة، كما ثبت ذلك في الصحاح والسنن، وكما قاله العلماء قاطبة من أهل التفسير والحديث وغيرهم.
وغدير خم كان بعد رجوعه إلى المدينة ثامن عشر ذي الحجة بعد نزول هذه الآية بتسعة أيام، فكيف يكون قوله: { بلغ ما أنزل إليك من ربك } [المائدة: 67] نزل ذلك الوقت، ولا خلاف بين أهل العلم أن هذه الآية نزلت قبل ذلك، وهي من أوائل ما نزل بالمدينة، وإن كان ذلك في سورة المائدة، كما أن فيها تحريم الخمر، والخمر حرمت في أوائل الأمر عقب غزوة أحد.
Page 14