واحتجوا بقوله: "لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض"(¬1). قالوا: والذين ضرب بعضهم رقاب بعض رجعوا بعده كفارا.
فهذا وأمثاله من حجج الخوارج، وهو وإن كان باطلا بلا ريب فحجج الرافضة أبطل منه، والخوارج أعقل وأصدق وأتبع للحق من الرافضة؛ فإنهم صادقون لا يكذبون، أهل دين ظاهرا وباطنا، لكنهم ضالون جاهلون مارقون، مرقوا من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، وأما الرافضة فالجهل والهوى والكذب غالب عليهم، وكثير من أئمتهم وعامتهم زنادقة ملاحدة، ليس لهم غرض في العلم ولا في الدين، بل { إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى } [النجم: 23].
والمروانية الذين قاتلوا عليا، وإن كانوا لا يكفرونه، فحججهم أقوى من حجج الرافضة. وقد صنف الجاحظ كتابا للمروانية ذكر فيه من الحجج التي لهم ما لا يمكن الرافضة نقضه، بل لا يمكن الزيدية نقضه، دع الرافضة!.
وأهل السنة والجماعة لما كانوا معتدلين متوسطين صارت الشيعة تنتصر بهم فيما يقولونه في حق علي من الحق، ولكن أهل السنة قالوا ذلك بأدلة يثبت بها فضل الأربعة وغيرهم من الصحابة، ليس مع أهل السنة ولا غيرهم حجة تخص عليا بالمدح وغيره بالقدح، فإن هذا ممتنع لا ينال إلا بالكذب المحال، لا بالحق المقبول في ميدان النظر والجدال.
Page 229