142

Imama

الإمامة في ضوء الكتاب والسنة

وعمر قد وافق ربه في عدة أمور، يقول شيئا وينزل القرآن بموافقته. قال للنبي صلى الله عليه وسلم: لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى، فنزلت: { واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى } [البقرة: 125]. وقال: إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر، فلو أمرتهن بالحجاج فنزلت آية الحجاب. وقال: عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات، فنزلت كذلك(¬1). وأمثال ذلك. وهذا كله ثابت في الصحيح. وهذا أعظم من تصويب علي في مسألة واحدة.

وأما التفضيل بالإيمان والهجرة والجهاد، فهذا ثابت لجميع الصحابة الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا، فليس هاهنا فضيلة اختص بها علي، حتى يقال: إن هذا لم يثبت لغيره.

الثالث: أنه لو قدر أنه اختص بمزية فهذه ليست من خصائص الإمامة، ولا موجبة لأن يكون أفضل مطلقا. فإن الخضر لما علم ثلاث مسائل لم يعلمها موسى لم يكن أفضل من موسى مطلقا، والهدهد لما قال لسليمان: { أحطت بما لم تحط به } [النمل: 22] لم يكن أعلم من سليمان مطلقا.

الرابع: أن عليا كان يعلم هذه المسألة، فمن أين يعلم أن غيره من الصحابة لم يعلمها؟ فدعوى اختصاصه بعلمها باطل، فبطل الاختصاص على التقديرين. بل من المعلوم بالتواتر أن جهاد أبي بكر بماله أعظم من جهاد علي، فإن أبا بكر كان موسرا، قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: "ما نفعني مال كمال أبي بكر" وعلي كان فقيرا، وأبو بكر أعظم جهادا بنفسه، كما سنذكره إن شاء الله تعالى.

Page 143