144

سواه من العلوم.

علم الكلام :

نعني من علم الكلام العلم الذي يبحث عن الوجود والوحدانية والصفات وما يلزم هذه المباحث من نبوة وإمامة ومعاد ، بالأدلة العقلية المبتنية على اسس منطقية صحيحة ، ولا نعني به علم الجدل الذي تاه فيه كثير من الناس لاعتمادهم فيه على خواطر توحيها إليهم نفوس ساقها الى الكلام حب الغلبة في المجادلة ، ، دون أن يستندوا الى ركن وثيق أو يأخذوا هذا العلم من معدنه الصحيح.

وإن جاء ذم على ألسنة الأحاديث للمتكلمين فيعني بهم الذين تعلموا الجدل للظهور والغلبة ولم يستقوا الماء من منبعه ، ولم يعبئوا بما يجرهم إليه الكلام من لوازم فاسدة ، وأما الذين انتهلوه من مورده الروي وبنوه على اسس صحيحة ودعائم وجدانية فإنهم ألسنة الحق وهداته ودعاة الايمان وأدلاؤه.

وإن أول من برهن على الوجود ولوازم الوجود بالأدلة العقلية والآثار المحسوسة أمير المؤمنين عليه السلام حتى كاد أن يشك في تلك الخطب بعض من يجهل أو يتجاهل مقام أبي الحسن من العلم الرباني بدعوى أن العلم على تلك الاصول لم يكن معهودا في ذلك الزمن ، وليت شعري إن لم يعترف هذا الجاهل بأن علم أبي الحسن إلهامي يستقيه من المنبع الفياض فإنه لا يجهل ما قاله النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيه : أنا مدينة العلم وعلي بابها.

ونسج على منوال أبي الحسن بنوه في هذا العلم فإنهم ما زالوا يفيضون على الناس من علمهم الزاخر عن الوجود ولوازمه ، وكيف يعبد الناس ربا لا يعرفونه ويطيعون نبيا يجهلونه ويتبعون إماما لا يفقهون مقامه ، فالمعرفة قبل كل علم

Page 147