واخرى يقول : اطلبوا العلم وتزينوا معه بالحلم والوقار (1) وما اقتصر على حثهم على طلب العلم ، بل حثهم على ما يزدان به من الحلم والوقار ، بل والتواضع كما في قوله عليه السلام : « وتواضعوا لمن تعلمونه العلم ، وتواضعوا لمن طلبتم منه العلم ، ولا تكونوا علماء جبارين ، فيذهب باطلكم بحقكم » (2).
أقول : ما أدقها نصيحة ، وأسماه تعليما ، فإن العلم لا ينفع صاحبه ولا الناس ما لم يكن مقرونا بالتواضع ، سواء كان المتحلي به معلما أو متعلما ، وأن الناس لتنفر من ذي الكبرياء ، فيكون الجبروت ذاهبا بما عنده من حق.
ويقول عليه السلام في إرشاده لطالب العلم : ولا تطلب العلم لثلاث : لترائي به ، ولا لتباهي به ، ولا لتماري به ، ولا تدعه لثلاث : رغبة في الجهل وزهادة في العلم ، واستحياء من الناس ، والعلم المصون كالسراج المطبق عليه (3).
أقول : إن الصادق عليه السلام يريد أن يكون طلب العلم للعلم ولنفع الامة ، فلو طلبه المرء للرياء أو المباهاة أو المجادلة لما انتفع ونفع ، بل لتضرر وأضر ، كما أن تركه للرغبة في الجهل والزهد في العلم كاشف عن الحمق ، ولا خير في حياء يقيمك على الرذيلة ويبعد عنك الفضيلة ، ولا يكون انتفاع الناس بالعلم إلا بنشره ، وما فائدة السراج اذا اطبق عليه.
ولنفاسة العلم حض على طلبه وإن كلف غاليا ، فقال : اطلبوا العلم ولو بخوض المهج وشق اللجج (4).
Page 137