جعفر بن محمد فتسلق عليه حائطه ولا تستفتح عليه بابه فيغير بعض ما هو عليه ولكن انزل عليه نزلا ، فأت به على الحال التي هو فيها ، قال : فأتيته وقد ذهب الليل إلا أقله ، فأمرت بنصب السلاليم وتسلقت عليه الحائط ونزلت داره فوجدته قائما يصلي وعليه قميص ومنديل وقد ائتزر به ، فلما سلم من صلاته قلت : أجب أمير المؤمنين فقال : دعنى أدعو وألبس ثيابي ، فقلت : ليس إلى ذلك من سبيل ، قال لي : فأدخل المغتسل فأتطهر ، قال : قلت : وليس إلى ذلك أيضا سبيل ، فلا تشغل نفسك فإني لا أدعك تغير شيئا ، قال : فأخرجته حافيا حاسرا في قميصه ومنديله ، وكان قد جاوز السبعين (1) فلما مضى بعض الطريق ضعف الشيخ فرحمته فقلت له : اركب ، فركب بغل شاكري (2) كان معنا ، ثم صرنا إلى الربيع فسمعته وهو يقول : ويلك يا ربيع قد أبطأ الرجل ويستحثه استحثاثا شديدا ، فلما أن وقعت عين الربيع على جعفر وهو بتلك الحال بكى ، وكان الربيع يتشيع ، فقال له جعفر عليه السلام : يا ربيع أنا أعلم ميلك إلينا فدعنى أصلي ركعتين وأدعوا ، قال : شأنك وما تشاء ، فصلى ركعتين خففهما ثم دعا بعدهما بدعاء لم أفهمه إلا أنه دعاء طويل ، والمنصور في ذلك كله يستحث الربيع ، فلما فرغ من دعائه على طوله أخذ الربيع بذراعه فأدخله على المنصور فلما صار في صحن الايوان وقف ثم حرك شفتيه بشيء ما أدري ما هو ، ثم أدخلته فوقف بين يديه ، فلما نظر إليه قال : وأنت يا جعفر ما تدع حسدك وبغيك وفسادك على أهل هذا البيت من بني العباس وما يزيدك الله بذلك إلا شدة حسد ونكد ، ما تبلغ به ما تقدره ، فقال له : والله يا أمير المؤمنين ما فعلت شيئا من
Page 104