فأجابه الجواد كسانثوس - ذو القدم السريعة البريق - وهو تحت النير، وقد أحنى رأسه فجأة، وتدلت معرفته كلها من تحت وسادة النير إلى جانبه، حتى لمست الأرض، وقد منحته الربة هيرا - الناصعة الذراعين - قدرة على الكلام: «أما هذه المرة فسننقذك، يا أخيل الجبار، رغم أن يوم الموت قريب منك، إننا لن نكون سببا فيه، فإنما سببه رب عتيد وقدر قاهر. فما كان من جراء كسلنا أو تراخينا أن أفلح الطرواديون في سلب العدة الحربية عن كتفي باتروكلوس، ولكن الذي قتله وسط محاربي المقدمة، وأعطى المجد لهكتور، هو خير الآلهة بمراحل، الذي أنجبته ليتو الجميلة الشعر. أما نحن، فقد كان في استطاعتنا أن نعدو بسرعة الريح الغربية التي هي - كما يقول البشر - أسرع الرياح طرا، وإنه مكتوب لك أن تقتل في المعركة بواسطة رب وإنسان!»
وما إن تكلم هكذا، حتى حبست الأيرينويس صوته. وعندئذ، تحرك قلبه بشدة، فتحدث إليه أخيل السريع القدمين بقوله: «كسانثوس، لم تتنبأ بموتي؟ لا حاجة بك إلى هذا إطلاقا. فأنا نفسي، أعلم علم اليقين أنه مقدر علي أن أموت هنا، بعيدا عن أبي العزيز وأمي. ومع هذا، فإنني لن أكف عن القتال، إلا بعد أن أشبع الطرواديين بالحرب.»
قال هذا، وصاح صيحة الحرب، وقاد جياده القوية الحوافر وسط محاربي المقدمة.
الأنشودة العشرون
«... ووزن رمحه وقذفه، ولكن أثينا أرسلت ريحا أبعدته عن أخيل المجيد، فارتد عائدا إلى هكتور العظيم، وسقط أمام قدميه ...»
كيف أشاع أخيل الذعر والفوضى بين الطرواديين؟
رابع أيام المعركة
اجتماع الآلهة فوق أوليمبوس!
نظم الآخيون أنفسهم للقتال حولك - بجانب السفن المدببة - يا ابن بيليوس، أيها المتعطش إلى الحرب، وكذلك فعل الطرواديون في الجهة المقابلة لهم، في أرض السهل المرتفعة، ولكن «زوس» أمر «ثيميس» باستدعاء الآلهة إلى الاجتماع، فانطلقت في أرجاء أوليمبوس تدعوهم في شعابه العديدة إلى منزل زوس. فما من نهر - إلا أوقيانوس وحده - ولا من حورية من جميع ساكنات الأكمات الجميلة والينابيع التي تغذي الأنهار والمروج الخضراء، إلا حضر. وما إن بلغوا بيت زوس، حتى أخذوا مقاعدهم داخل الأروقة المصقولة - التي شيدها هيفايستوس بمهارة فائقة - من أجل الأب زوس.
هكذا اجتمعوا داخل بيت زوس. ولم يغفل مزلزل الأرض نداء الربة بل خرج من البحر لينضم إلى حشدهم، وجلس بينهم يسأل عن غرض زوس قائلا: «لم استدعيت الآلهة يا ملك البرق اللامع ، إلى مكان الاجتماع؟ هل خطر ببالك أمر يتعلق بالطرواديين والآخيين وقتالهم؟ إن كلا من الفريقين يضرم شعلة المعركة والقتال الآن.»
Unknown page