118

Iliyadha

الإلياذة

Genres

33

كما يصحبه رجاله، أما ابن أتريوس - أجاممنون - فأنزل إلى البحر سفينة سريعة واختار لها عشرين مجذفا، وساق إلى ظهورها ذبيحة للإله من مائة ثور، وأحضر ابنة خروسيس الفاتنة الخدين ووضعها في السفينة، وصعد على ظهرها «أوديسيوس» الكثير الحيل ليتولى قيادتها.

وهكذا اعتلى هؤلاء ظهر السفينة وأبحروا عبر المسالك المائية، ولكن ابن أتريوس أمر القوم بتطهير أنفسهم. فطهروا أنفسهم، وألقوا بالرجس في البحر، وقدموا لأبولو ذبائح مقبولة من مئات الثيران والماعز، بجوار شاطئ البحر المضطرب، فارتفعت نكهتها صاعدة خلال الدخان.

اختطاف الحسناء «بريسيس»

وهكذا انهمك الجميع في سائر أنحاء المعسكر، ومع ذلك فلم يكف أجاممنون عن المشاحنة التي هدد بها أخيل في بادئ الأمر، بل استدعى إليه رسوليه وخادميه المطيعين «تالثوبيوس» و«يوروباتيس»، وقال لهما: «اذهبا إلى خيمة أخيل، ابن بيليوس، واختطفا «بريسيس» الجميلة الخدين، وأحضراها إلى هنا، وإذا لم يعطكما إياها، فسأذهب بنفسي بصحبة عدد أكبر من الرجال وآخذها، ويكون هذا شرا له.»

قال هذا، وأرسلهما لتوه، وشدد عليهما الأمر، فذهبا على كره منهما يسيران بمحاذاة شاطئ البحر القاحل، ووصلا إلى مخيمات «المورميدون» وسفنهم. فوجدوا أخيل جالسا بجوار خيمته وسفينته السوداء، ولم يظهر ابتهاجا برؤيتهما. وإذ سيطر عليهما الخوف والفزع من الملك، وقفا لا ينبسان ببنت شفة أو يطلبان شيئا، غير أنه أدرك الأمر، فتكلم قائلا: «مرحبا، أيها الرسولان ، يا رسولي زوس والبشر، اقتربا. لستما الآثمين في نظري، ولكنه أجاممنون الذي بعث بكما من أجل الفتاة «بريسيس»، ومع كل فهيا، يا باتروكلوس، يا سليل زوس ، أحضر الفتاة، وسلمها إليهما ليذهبا بها. وعلى ذلك فليكن هذان نفساهما شاهدين أمام الآلهة المباركة والبشر المعرضين للموت، نعم، وأمام ذلك الملك المتهور، لو احتاج الأمر إلي بعد ذلك لأدفع الهلاك المزري عن الجيش. الحق أنه ليثور بعقل مخرب، ولا يعرف إطلاقا أن يستشف المستقبل على ضوء الماضي، حتى يمكن لأتباعه الآخيين أن يشنوا الحرب في أمان بجوار سفنهم.»

المحارب الباسل «أوديسيوس» يباهي بقوته أمام الحسناء «كيركي». وأوديسيوس من أبرز أبطال «الإلياذة» والبطل الرئيسي «للأوديسة» - التي سميت باسمه - ويطلق عليه في بعض اللغات «أوليس» و«عولس».

وإذ قال هذا، أطاع باتروكلوس قول زميله العزيز، فأخذ «بريسيس» الفاتنة الخدين، وسلمها إليهما ليذهبا بها. وهكذا عاد الرسولان أدراجهما يسيران بجوار سفن الآخيين، ومعهما، على مضض منهما، سارت المرأة. بيد أن أخيل استسلم من فوره إلى البكاء وانتحى بعيدا عن رفاقه، وجلس على شاطئ البحر الرمادي اللون، واتجه ببصره نحو اليم ذي اللون النبيذي القاتم، وبشوق جارف راح يتضرع إلى أمه العزيزة باسطا يديه: «أماه، بما أنك قد ولدتني - ولو أن ذلك لفترة قصيرة من الحياة - فمن المؤكد أنه كان يجب على الأوليمبي، زوس الذي يرعد في علاه، أن يضع المجد في يدي، ولكنه الآن لم يخصني بشيء ما من المجد. هذا حق، فإن ابن أتريوس، أجاممنون الواسع الملك، قد نال من كرامتي؛ لأنه اغتصب غنيمتي بواسطة عمله المتغطرس.»

قال هذا وهو يبكي، وسمعته أمه الملكة وهي جالسة في أعماق البحر بجانب الشيخ المسن، أبيها. وسرعان ما خرجت من البحر الرمادي كسحابة من الضباب، وجلست أمام وجهه وهو يبكي، وضربته بيدها، وكلمته ونادته باسمه قائلة: «أي بني، لم تبكي؟ أي حزن استولى على فؤادك أفصح، لا تخف الأمر في بالك، كي يعرفه كلانا.»

عندئذ تحدث إليها أخيل وهو يتأوه تأوها ثقيلا فقال: «إنك لتعرفينه. لماذا، في الحقيقة ، يجب علي أن أخبرك بالقصة يا من تعرفين كل شيء؟ لقد ذهبنا إلى «طيبة

Unknown page