وجل إلى سليمان ﵇: ألك حاجة تسألني إياها؟. فقال سليمان: أسأل الله أن يجعل قلبي يحبه كما كان قلب أبي داود يحبه، وأن يجعل قلبي يخشاه كما كان قلب أبي داود يخشاه. فشكر الله له ذلك وأعطاه ملكًا لا ينبغي لأحد من بعده.
ومحبة الله تعالى على درجتين: إحداهما: واجبة، وهي المحبة التي توجب للعبد محبة ما يحبه الله من الواجبات، وكراهة ما يكرهه من المحرمات، فإن المحبة التامة تقتضي الموافقة لمن يحبه في محبة ما يحبه، وكراهة ما يكرهه خصوصًا فيما يحبه ويكرهه من المحب نفسه فلا تصح المحبة بدون فعل ما يحبه المحبوب من محبة، وكراهة ما يكرهه المحبوب من محبة. وسئل بعض العارفين عن المحبة، فقال: الموافقة في جميع الأحوال. وأنشد:
ولو قلتَ لي: مُتْ. مُتْ سمعًا وطاعة ... وقلتُ لداعي الموت: أهلًا ومرحبا
وأنشد بعضهم:
تعصى الإلهَ وتزعُمُ حبَّه ... هذا لعمري في القياسِ شنيعُ
لو كان حبُّك صادقًا لأطعته ... إن المحبَّ لمن يحبُّ مُطيعُ
ومتى أخل العبد ببعض الواجبات، أو ارتكب بعض المحرمات فمحبته لربه غير تامة، فالواجب عليه المبادرة بالتوبة، والاجتهاد في تكميل المحبة المفضية لفعل الواجبات كلها واجتناب المحرمات كلها، وهذا معنى قول النبي