28

Ikhtiyar Li Taclil

الاختيار لتعليل المختار

Investigator

محمود أبو دقيقة

Publisher

مطبعة الحلبي (وصورتها دار الكتب العلمية - بيروت)

Edition Number

الأولى

Publication Year

1356 AH

Publisher Location

القاهرة

وَكُلُّ مَا يَخْرُجُ مِنْ بَدَنِ الْإِنْسَانِ وَهُوَ مُوجِبٌ لِلتَّطْهِيرِ فَنَجَاسَتُهُ غَلِيظَةٌ، وَكَذَلِكَ الرَّوْثُ (سم) وَالْأَخْثَاءُ، وَبَوْلُ الْفَأْرَةِ، وَالصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ أَكَلَا أَوْ لَا، وَالْمَنِيُّ نَجِسٌ (ف) يَجِبُ غَسْلُ رَطْبِهِ، وَيُجْزِئُ الْفَرْكُ فِي يَابِسِهِ. ــ [الاختيار لتعليل المختار] فِي شِبْرٍ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ ذِرَاعٌ فِي ذِرَاعٍ، وَعَنْهُ مَوْضِعُ الْقَدَمَيْنِ، وَالْمُخْتَارُ الرُّبُعُ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ، وَهُوَ مَوْكُولٌ إِلَى رَأْيِ الْمُبْتَلَى لِتَفَاوُتِ النَّاسِ فِي الِاسْتِفْحَاشِ. (وَكُلُّ مَا يَخْرُجُ مِنْ بَدَنِ الْإِنْسَانِ وَهُوَ مُوجِبٌ لِلتَّطْهِيرِ فَنَجَاسَتُهُ غَلِيظَةٌ) كَالْغَائِطِ وَالْبَوْلِ وَالدَّمِ وَالصَّدِيدِ وَالْقَيْءِ، وَلَا خِلَافَ فِيهِ، وَكَذَلِكَ الْمَنِيُّ لِقَوْلِهِ ﵊ لِعَائِشَةَ: «إِنْ كَانَ رَطْبًا فَاغْسِلِيهِ، وَإِنْ كَانَ يَابِسًا فَافْرُكِيهِ»، وَقَوْلِهِ ﵊ لِعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ: «إِنَّمَا يُغْسَلُ الثَّوْبُ مِنَ الْمَنِيِّ وَالْبَوْلِ وَالدَّمِ»، وَلَوْ أَصَابَ الْبَدَنَ وَجَفَّ. رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَطْهُرُ بِالْفَرْكِ. وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ عَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يَطْهُرُ؛ لِأَنَّ الْبَلْوَى فِيهِ أَعَمُّ، وَالِاكْتِفَاءُ بِالْفَرْكِ لَا يَدَلُّ عَلَى طَهَارَتِهِ، فَإِنَّ الصَّحِيحَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَقِلُّ بِالْفَرْكِ فَتَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهِ، حَتَّى إِذَا أَصَابَهُ الْمَاءُ يَعُودُ نَجِسًا عِنْدَهُ، خِلَافًا لَهُمَا، ثُمَّ رَأَيْنَا كُلَّ مَا يُوجِبُ الطَّهَارَةَ كَالْغَائِطِ وَالْبَوْلِ وَدَمِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ نَجِسًا، فَقُلْنَا بِنَجَاسَةِ الْمَنِيِّ؛ لِأَنَّهُ يُوجِبُ أَكْبَرَ الطَّهَارَاتِ، وَكَوْنُهُ أَصْلَ الْآدَمِيِّ لَا يُوجِبُ طَهَارَتَهُ كَالْعَلَقَةِ. قَالَ: (وَكَذَلِكَ الرَّوْثُ وَالْأَخْثَاءُ) وَبَوْلُ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مِنَ الدَّوَابِّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ; لِأَنَّ نَجَاسَتَهَا ثَبَتَتْ بِنَصٍّ لَمْ يُعَارِضْهُ غَيْرُهُ وَهُوَ قَوْلُهُ ﵊ فِي الرَّوْثِ: " إِنَّهُ رِجْسٌ ". وَالْأَخْثَاءُ مِثْلُهُ، وَعِنْدَهُمَا مُخَفَّفَةٌ لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ فِي الطُّرُقَاتِ وَوُقُوعِ الِاخْتِلَافِ فِيهِ، فَعِنْدَ مَالِكٍ الْأَرْوَاثُ كُلُّهَا طَاهِرَةٌ، وَعِنْدَ زُفَرَ رَوْثُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ طَاهِرٌ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ اسْتَحَالَ إِلَى نَتَنٍ وَفَسَادٍ، وَهُوَ مُنْفَصِلٌ عَنْ حَيَوَانٍ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ فَصَارَ كَالْآدَمِيِّ وَالضَّرُورَةُ فِي النِّعَالِ، وَقَدْ قُلْنَا بِالتَّخْفِيفِ فِيهَا حَتَّى تَطْهُرَ بِالْمَسْحِ، وَبِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْحَدِيثِ وَالْمَعْقُولِ خَرَجَ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَزُفَرَ. قَالَ: (وَ) كَذَلِكَ (بَوْلُ الْفَأْرَةِ) وَخَرْؤُهَا لِمَا تَقَدَّمَ، وَلِإِطْلَاقِ قَوْلِهِ ﵊: «اسْتَنْزِهُوا مِنَ الْبَوْلِ»، وَالِاحْتِرَازُ عَنْهُ مُمْكِنٌ فِي الْمَاءِ، غَيْرُ مُمْكِنٍ فِي الطَّعَامِ وَالثِّيَابِ فَيُعْفَى عَنْهُ فِيهِمَا. قَالَ: (وَ) كَذَلِكَ بَوْلُ (الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ أَكَلَا أَوْ لَا) لِمَا رَوَيْنَا مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ، وَمَا رُوِيَ مِنْ نَضْحِ بَوْلِ الصَّبِيِّ إِذَا لَمْ يَأْكُلْ، فَالنَّضْحُ يُذْكَرُ بِمَعْنَى الْغَسْلِ. «قَالَ ﵊ لَمَّا سُئِلَ عَنِ الْمَذْيِ: " انْضَحْ فَرْجَكَ بِالْمَاءِ»، أَيِ اغْسِلْهُ، فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ تَوْفِيقًا. قَالَ: (وَالْمَنِيُّ نَجِسٌ يَجِبُ غَسْلُ رَطْبِهِ، وَيُجْزِئُ الْفَرْكُ فِي يَابِسِهِ) وَقَدْ بَيَّنَّا الْوَجْهَ فِيهِ.

1 / 32