149

Al-Ikhtiyār li-taʿlīl al-Mukhtār

الاختيار لتعليل المختار

Editor

محمود أبو دقيقة

Publisher

مطبعة الحلبي (وصورتها دار الكتب العلمية - بيروت)

Edition Number

الأولى

Publication Year

1356 AH

Publisher Location

القاهرة

وَلَا يَقِفْ عِنْدَهَا وَيَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ مَعَ أَوَّلِ حَصَاةٍ، ثُمَّ يَذْبَحُ إِنْ شَاءَ، ثُمَّ يُقَصِّرُ أَوْ يَحْلِقُ وَهُوَ أَفْضَلُ، وَحَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءً إِلَّا النِّسَاءَ، ثُمَّ يَمْشِي إِلَى مَكَّةَ فَيَطُوفُ طَوَافَ الزِّيَارَةِ مِنْ يَوْمِهِ أَوْ مِنْ غَدِهِ أَوْ بَعْدَهُ، وَهُوَ
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا، وَيَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ مَعَ أَوَّلِ حَصَاةٍ) لِمَا رَوَى جَابِرٌ «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمَّا أَتَى مِنًى لَمْ يُعَرِّجْ إِلَى شَيْءٍ حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، وَقَطَعَ التَّلْبِيَةَ عِنْدَ أَوَّلِ حَصَاةٍ رَمَاهَا، وَكَبَّرَ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ نَحَرَ، ثُمَّ حَلَقَ رَأْسَهُ، ثُمَّ أَتَى مَكَّةَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ» وَيَرْمِي مِنْ بَطْنِ الْوَادِي مِنْ أَسْفَلَ إِلَى أَعْلَى، وَيَجْعَلُ مِنًى عَنْ يَمِينِهِ، وَالْكَعْبَةَ عَنْ يَسَارِهِ، وَيَقِفُ حَيْثُ يَرَى مَوْضِعَ الْحَصَاةِ، هَكَذَا نُقِلَ عَنْهُ ﵊ وَهُوَ مِثْلُ حَصَى الْخَذْفِ. «قَالَ ﵊ لِلْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ غَدَاةَ يَوْمِ النَّحْرِ: " ائْتِنِي بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ مِثْلَ حَصَى الْخَذْفِ " فَأَتَاهُ بِهِنَّ، فَجَعَلَ يَقَلِّبُهُنَّ وَيَقُولُ: " بِمِثْلِهِنَّ بِمِثْلِهِنَّ لَا تَغْلُوا» وَالْخَذْفُ: أَنْ يَضَعَ الْحَصَاةَ عَلَى رَأْسِ السَّبَّابَةِ، وَيَضَعَ إِبْهَامَهُ عَلَيْهَا ثُمَّ يَرْمِي بِهَا. وَاخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِهَا، وَالْمُخْتَارُ قَدْرُ الْبَاقِلَّاءِ، وَلَوْ رَمَى بِحَجَرٍ أَكْبَرَ أَوْ أَصْغَرَ جَازَ لِحُصُولِ الرَّمْيِ، وَيَقُولُ عِنْدَ الرَّمْيِ: بِسْمِ اللَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، رَغْمًا لِلشَّيْطَانِ وَحِزْبِهِ ; وَيَجُوزُ الرَّمْيُ بِكُلِّ مَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ، وَلَا يَجُوزُ بِمَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِهَا، وَمِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ أَخَذَهُ جَازَ إِلَّا الْحَصَاةَ الْمَرْمِيَّ بِهَا فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لِأَنَّهَا حَصَى مَنْ لَمْ يُقْبَلْ حَجُّهُ، فَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: «وَمَنْ قُبِلَ حَجُّهُ رُفِعَ حَصَاهُ» وَلِأَنَّهُ رَمَى بِهِ مَرَّةً فَأَشْبَهَ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ، وَكَيْفَمَا رَمَى جَازَ، وَعَدَدُ حَصَى الْجِمَارِ سَبْعُونَ: جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ سَبْعَةٌ، وَثَلَاثَةٌ أَيَّامَ مِنًى كُلَّ يَوْمٍ ثَلَاثُ جَمَرَاتٍ بِإِحْدَى وَعِشْرِينَ ; وَقَدِ اسْتَحَبَّ بَعْضُهُمْ غَسْلَ الْحَصَى لِيَكُونَ طَاهِرًا بِيَقِينٍ.
قَالَ: (ثُمَّ يَذْبَحُ إِنْ شَاءَ) لِأَنَّهُ مُسَافِرٌ وَهُوَ مُفْرِدٌ وَلَا وُجُوبَ عَلَيْهِ.
(ثُمَّ يُقَصِّرُ أَوْ يَحْلِقَ وَهُوَ أَفْضَلُ) قَالَ ﵊: «إِنَّ أَوَّلَ نُسُكِنَا فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نَرْمِيَ، ثُمَّ نَذْبَحَ، ثُمَّ نَحْلِقَ» وَلِأَنَّ الْحَلْقَ مِنْ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ فَيُؤَخَّرُ عَنِ الذَّبْحِ.
وَالْحَلْقُ أَفْضَلُ لِقَوْلِهِ ﵊: «يَغْفِرُ اللَّهُ لِلْمُحَلِّقِينَ " قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلِلْمُقَصِّرِينَ، فَقَالَ: " يَغْفِرُ اللَّهُ لِلْمُحَلِّقِينَ "، قَالَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: " وَلِلْمُقَصِّرِينَ» وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى رَأْسِهِ شَعْرٌ أَجْرَى الْمُوسَى عَلَى رَأْسِهِ تَشْبِيهًا بِالْحَلْقِ كَالتَّشْبِيهِ بِالصَّوْمِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنِ الصَّوْمِ ; وَالسُّنَّةُ حَلْقُ الْجَمِيعِ فَإِنْ نَقَصَ مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ أَسَاءَ لِمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ، وَلَا يَجُوزُ أَقَلُّ مِنَ الرُّبُعِ، وَنَظِيرُهُ مَسْحُ الرَّأْسِ فِي الْوُضُوءِ فِي الِاخْتِلَافِ وَالدَّلَائِلِ، وَالتَّقْصِيرُ: أَنْ يَأْخُذَ مِنْ رُءُوسِ شَعْرِهِ وَأَقَلُّهُ مِقْدَارُ الْأُنْمُلَةِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْفِنَ الشَّعْرَ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتًا﴾ [المرسلات: ٢٥] ﴿أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا﴾ [المرسلات: ٢٦] وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ الْحَلْقِ: اللَّهُمَّ هَذِهِ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، فَاجْعَلْ لِي بِكُلِّ شَعْرَةٍ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
(وَحَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا النِّسَاءَ) لِقَوْلِهِ ﵊ فِيهِ: «حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا النِّسَاءَ» .
قَالَ: (ثُمَّ يَمْشِي إِلَى مَكَّةَ فَيَطُوفُ طَوَافَ الزِّيَارَةِ مِنْ يَوْمِهِ أَوْ مِنْ غَدِهِ أَوْ بَعْدِهِ، وَهُوَ

1 / 153