Al-Ikhtiyār li-taʿlīl al-Mukhtār
الاختيار لتعليل المختار
Editor
محمود أبو دقيقة
Publisher
مطبعة الحلبي (وصورتها دار الكتب العلمية - بيروت)
Edition Number
الأولى
Publication Year
1356 AH
Publisher Location
القاهرة
Genres
Ḥanafī Law
ثُمَّ يُقِيمُ بِمَكَّةَ حَرَامًا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ مَا شَاءَ، ثُّمَ يَخْرُجُ غَدَاةَ التَّرْوِيَةِ إِلَى مِنًى فَيَبِيتُ بِهَا حَتَّى يُصَلِّيَ الْفَجْرَ يَوْمَ عَرَفَةَ، ثُّمَ يَتَوَجَّهُ إِلَى عَرَفَاتٍ، فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ تَوَضَّأَ أَوِ اغْتَسَلَ، فَإِنْ صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ يَوْمَ النَّحْرِ يَوْمُ اشْتِغَالٍ بِالذَّبْحِ وَالرَّمْيِ وَغَيْرِهِ، فَرُبَّمَا لَا يَتَفَرَّغُ لِلسَّعْيِ ; وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ خُرُوجِهِ إِلَى الصَّفَا: بِاسْمِ اللَّهِ، وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ، وَأَدْخِلْنِي فِيهَا ; وَيَقُولَ عَلَى الصَّفَا: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٍ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَلَا نَعْبُدُ إِلَّا إِيَّاهُ، مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَهْلُ التَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّهْلِيلِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ، فَلَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ. وَيَسْأَلُ حَوَائِجَهُ ; فَإِذَا نَزَلَ مِنَ الصَّفَا قَالَ: اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِي الْيُسْرَى، وَجَنِّبْنِي الْعُسْرَى، وَاغْفِرْ لِي فِي الْآخِرَةِ وَالْأُولَى ; وَيَقُولُ فِي السَّعْيِ: رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ، وَتَجَاوَزْ عَمَّا تَعْلَمُ، إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ، وَيَسْتَكْثِرُ مِنْ قَوْلِ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ ; وَيَقُولُ عَلَى الْمَرْوَةِ مِثْلَ الصَّفَا.
قَالَ: (ثُمَّ يُقِيمُ بِمَكَّةَ حَرَامًا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ مَا شَاءَ) لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنَ الصَّلَاةِ، وُخُصُوصًا لِلْآفَاقِيِّ، وَيُصَلِّي لِكُلِّ طَوَافٍ رَكْعَتَيْنِ، وَلَا يَسْعَى بَعْدَهُ لِمَا بَيَّنَّا.
قَالَ: (ثُمَّ يَخْرُجُ غَدَاةَ التَّرْوِيَةِ) وَهُوَ ثَامِنُ ذِي الْحِجَّةِ.
(إِلَى مِنًى) فَيَنْزِلُ بِقُرْبِ مَسْجِدِ الْخَيْفِ.
(فَيَبِيتُ بِهَا حَتَّى يُصَلِّيَ الْفَجْرَ يَوْمَ عَرَفَةَ) فَيُصَلِّي بِمِنًى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ، هَكَذَا فَعَلَ جِبْرِيلُ بِإِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدٍ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَهُوَ الْمَنْقُولُ مَنْ نُسُكِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهَذِهِ الْبَيْتُوتَةُ سُنَّةٌ، وَلَوْ بَاتَ بِمَكَّةَ وَصَلَّى هَذِهِ الصَّلَوَاتِ بِهَا جَازَ؛ لِأَنَّهُ لَا نُسُكَ بِمِنًى هَذَا الْيَوْمَ، وَقَدْ أَسَاءَ لِمُخَالَفَتِهِ السُّنَّةَ ; وَيَقُولُ عِنْدَ نُزُولِهِ بِمِنًى: اللَّهُمَّ هَذِهِ مِنًى، وَهِيَ مِمَّا مَنَنْتَ بِهَا عَلَيْنَا مِنَ الْمَنَاسِكِ، فَامْنُنْ عَلَيَّ بِمَا مَنَنْتَ بِهِ عَلَى عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ.
قَالَ: (ثُمَّ يَتَوَجَّهُ إِلَى عَرَفَاتٍ) اقْتِدَاءً - بِفِعْلِهِ ﵊ وَلِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى أَدَاءِ فَرْضِ الْوُقُوفِ بِهَا فِي هَذَا الْيَوْمِ وَيَنْزِلُ بِهَا حَيْثُ شَاءَ.
(فَإِنْ زَالَتِ الشَّمْسُ تَوَضَّأَ وَاغْتَسَلَ) لِأَنَّهُ يَوْمُ جَمْعٍ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ الْغُسْلُ، وَقِيلَ: هُوَ سُنَّةٌ.
(فَإِنْ صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ صَلَّى الظَّهْرَ وَالْعَصْرَ بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ) فَقَدْ تَوَاتَرَ النَّقْلُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِالْجَمْعِ بَيْنَهُمَا. وَرَوَى جَابِرٌ بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ، وَهُوَ أَنْ يُؤَذِّنَ وَيُقِيمَ لِلظُّهْرِ ثُمَّ يُقِيمَ لِلْعَصْرِ لِأَنَّهَا تُؤَدَّى فِي غَيْرِ وَقْتِهَا فَيُقِيمَ إِعْلَامًا لَهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُقِمْ رُبَّمَا ظَنُّوا أَنَّهُ يَتَطَوَّعُ فَلَا يَشْرَعُونَ مَعَ الْإِمَامِ، وَلَا يَتَطَوَّعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ لِأَنَّ الْعَصْرَ إِنَّمَا قُدِّمَتْ لِيُتَفَرَّغَ
1 / 149