117

Ikhtiyar Li Taclil

الاختيار لتعليل المختار

Investigator

محمود أبو دقيقة

Publisher

مطبعة الحلبي - القاهرة (وصورتها دار الكتب العلمية - بيروت، وغيرها)

Edition Number

الأولى

Publication Year

1356 AH

Publisher Location

بيروت

وَلَا إِلَى مَوْلَى هَاشِمِيٍّ، وَإِنْ أَعْطَى فَقِيرًا وَاحِدًا نِصَابًا أَوْ أَكْثَرَ جَازَ (ز) وَيُكْرَهُ، ــ [الاختيار لتعليل المختار] فَتَحِلُّ لهم الصَّدَقَة، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِيمَا سِوَى الزَّكَاةِ مِنَ الصَّدَقَاتِ الْوَاجِبَاتِ كَصَدَقَةِ الْفِطْرِ وَالْكَفَّارَاتِ وَالْعُشُورِ وَالنُّذُورِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الزَّكَاةِ، فَإِنَّهُ يُطَهِّرُ نَفْسَهُ بِأَدَاءِ الْوَاجِبِ وَإِسْقَاطِ الْفَرْضِ، فَيَتَدَنَّسُ الْمُؤَدَّى كَالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ، بِخِلَافِ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ حَيْثُ تَحِلُّ لِلْهَاشِمِيِّ لِأَنَّهَا لَا تُدَنَّسُ كَالْوُضُوءِ لِلتَّبَرُّدِ. قَالَ: (وَلَا إِلَى مَوْلًى هَاشِمِيٍّ) «لِقَوْلِهِ ﷺ لِمَوْلَاهُ أَبِي رَافِعٍ وَقَدْ سَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ: إِنَّ الصَّدَقَةَ مُحَرَّمَةٌ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، وَإِنَّ مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ» . وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يَجُوزُ لِلْهَاشِمِيِّ أَنْ يَدْفَعَ زَكَاةَ مَالِهِ إِلَى الْهَاشِمِيِّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ ; وَوَجْهُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ أَوْسَاخَ النَّاسِ غَيْرُهُمْ هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ مِثْلِهِ، فَيَقْتَضِي حُرْمَةَ زَكَاةِ غَيْرِهِمْ عَلَيْهِمْ لَا غَيْرُ. وَذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي عِصْمَةَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الصَّدَقَةَ تَحِلُّ لِبَنِي هَاشِمٍ، وَفَقِيرُهُمْ فِيهَا كَفَقِيرِ غَيْرِهِمْ، وَوَجْهُهُ أَنْ عِوَضَهَا وَهُوَ خُمْسُ الْخُمْسِ لَمْ يَصِلْ إِلَيْهِمْ لِإِهْمَالِ النَّاسِ أَمْرَ الْغَنَائِمِ وَقِسْمَتَهَا وَإِيصَالَهَا إِلَى مُسْتَحِقِّهَا، وَإِذَا لَمْ يَصِلْ إِلَيْهِمُ الْعِوَضُ عَادُوا إِلَى الْمُعَوَّضِ، عَمَلًا بِمُطْلَقِ الْآيَةِ سَالِمًا عَنْ مُعَارَضَةِ أَخْذِ الْعِوَضِ، وَكَمَا فِي سَائِرِ الْمُعَاوَضَاتِ، وَلِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَصِلْ إِلَيْهِمْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا هَلَكُوا جُوعًا، فَيَجُوزُ لَهُمْ ذَلِكَ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُمْ. وَاعْلَمْ أَنَّ التَّمْلِيكَ شَرْطٌ. قَالَ تَعَالَى: ﴿وَآتَوُا الزَّكَاةَ﴾ [البقرة: ٤٣] وَالْإِيتَاءُ: الْإِعْطَاءُ ; وَالْإِعْطَاءُ: التَّمْلِيكُ، فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ قَبْضِ الْفَقِيرِ أَوْ نَائِبِهِ كَالْوَصِيِّ وَالْأَبِ وَمَنْ يَكُونُ الصَّغِيرُ فِي عِيَالِهِ قَرِيبًا كَانَ أَوْ أَجْنَبِيًّا، وَكَذَلِكَ الْمُلْتَقِطُ لِلَّقِيطِ؛ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ لَا يَتِمُّ بِدُونِ الْقَبْضِ وَلَا يُبْنَى بِهَا مَسْجِدٌ وَلَا سِقَايَةٌ وَلَا قَنْطَرَةٌ وَلَا رِبَاطٌ، وَلَا يُكَفَّنُ بِهَا مَيِّتٌ، وَلَا يُقْضَى بِهَا دَيْنُ مَيِّتٍ، وَلَا يُشْتَرَى بِهَا رَقَبَةٌ تُعْتَقُ لِعَدَمِ التَّمْلِيكِ ; وَلَوْ قَضَى بِهَا دَيْنَ فَقِيرٍ جَازَ، وَيَكُونُ الْقَابِضُ كَالْوَكِيلِ عَنِ الْفَقِيرِ. قَالَ: (وَإِنْ أَعْطَى فَقِيرًا وَاحِدًا نِصَابًا أَوْ أَكْثَرَ جَازَ وَيُكْرَهُ) وَقَالَ زُفَرُ: لَا يَجُوزُ لِمُقَارَنَةِ الْأَدَاءِ الْغِنَى فَيَمْنَعُ وُقُوعُهُ زَكَاةً. وَلَنَا أَنَّ الْغِنَى يَتَعَقَّبُ الْأَدَاءَ لِحُصُولِهِ بِالْقَبْضِ وَالْقَبْضُ بَعْدَ الْأَدَاءِ، إِلَّا أَنَّهُ قَرِيبٌ مِنْهُ فَيُكْرَهُ كَمَنْ صَلَّى قَرِيبًا مِنَ النَّجَاسَةِ. وَمِنَ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ: إِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَوْ قَضَاهُ بَقِيَ مَعَهُ أَقَلُّ مِنْ نِصَابٍ، أَوْ كَانَ لَهُ عِيَالٌ لَوْ فَرَّقَ عَلَيْهِمْ أَصَابَ كُلُّ وَاحِدٍ دُونَ النِّصَابِ لَا يُكْرَهُ لِأَنَّهُ أَعْطَاهُ سَهْمًا مِنْ ذَلِكَ.

1 / 121