100

Ikhtiyar Li Taclil

الاختيار لتعليل المختار

Investigator

محمود أبو دقيقة

Publisher

مطبعة الحلبي - القاهرة (وصورتها دار الكتب العلمية - بيروت، وغيرها)

Edition Number

الأولى

Publication Year

1356 AH

Publisher Location

بيروت

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ــ [الاختيار لتعليل المختار] الزَّكَاةِ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ مِنَ النُّصُبِ، أَلَا يَرَى أَنَّهَا تُضَمُّ إِلَيْهِ فَكَانَتْ تَبَعًا لَهُ. وَقَالَ زُفَرُ: إِذَا أَدَّى عَنْ نُصُبٍ لَا يُجْزِيهِ إِلَّا عَنِ النِّصَابِ الَّذِي فِي مِلْكِهِ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى قَبْلَ السَّبَبِ وَهُوَ الْمِلْكُ، وَلَنَا مَا بَيَّنَّا، وَلِأَنَّ الْمُسْتَفَادَ تَبَعُ الْأَصْلِ فِي حَقِّ الْوُجُوبِ، فَيَكُونُ تَبَعًا فِي حُكْمِ الْحَوْلِ أَيْضًا، فَكَأَنَّ الْحَوْلَ حَالَ عَلَى الْجَمِيعِ. ١ - فَصْلٌ وَمَنِ امْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ الزَّكَاةِ أَخَذَهَا الْإِمَامُ كَرْهًا وَوَضَعَهَا مَوْضِعَهَا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾ [التوبة: ١٠٣] وَقَوْلِهِ ﵊: «خُذْهَا مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ» وَهَذَا لِأَنَّ حَقَّ الْأَخْذِ كَانَ لِلْإِمَامِ فِي الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ إِلَى زَمَانِ عُثْمَانَ ﵁ بِهَذِهِ النُّصُوصِ، فَفَوَّضَهَا فِي الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ إِلَى أَرْبَابِهَا مَخَافَةَ تَفْتِيشِ الظَّلَمَةِ إِلَى أَمْوَالِ النَّاسِ، فَصَارَ أَرْبَابُ الْأَمْوَالِ كَالْوُكَلَاءِ عَنِ الْإِمَامِ، فَإِذَا عَلِمَ أَنَّهُمْ لَا يُؤَدُّونَ طَالَبَهُمْ بِهَا ; وَمَا أَخَذَهُ الْخَوَارِجُ وَالْبُغَاةُ مِنَ الزَّكَاةِ لَا يُثَنَّى عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ حِمَايَتِهِمْ، وَالْجِبَايَةُ بِالْحِمَايَةِ، وَيُفْتَى أَهْلُهَا بِالْإِعَادَةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى لِعَلِمْنَا أَنَّهُمْ لَمْ يَأْخُذُوهَا بِطَرِيقِ الصَّدَقَةِ وَلَا يَصْرِفُونَهَا مَصَارِفَهَا. وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِيمَا يَأْخُذُهُ الظَّلَمَةُ مِنَ السَّلَاطِينِ فِي زَمَانِنَا. قَالَ مَشَايِخُ بَلْخَ: يُفْتَوْنَ بِالْإِعَادَةِ كَالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَعْمَشُ: يُفْتَوْنَ بِإِعَادَةِ الصَّدَقَةِ لِأَنَّهَا حَقُّ الْفُقَرَاءِ وَلَا يَصْرِفُونَهَا إِلَيْهِمْ، وَلَا يُفْتَوْنَ فِي الْخَرَاجِ لِأَنَّهُ حَقُّ الْمُقَاتِلَةِ وَهُمْ مِنْهُمْ حَتَّى لَوْ ظَهَرَ عَلَى الْإِسْلَامِ عَدُوٌّ قَاتَلُوهُ. قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرْخَسِيُّ: الْأَصَحُّ أَنَّ أَرْبَابَ الْأَمْوَالِ إِذَا نَوَوْا عِنْدَ الدَّفْعِ التَّصَدُّقَ عَلَيْهِمْ سَقَطَ عَنْهُمْ جَمِيعُ ذَلِكَ، وَكَذَا جَمِيعُ مَا يُؤْخَذُ مِنَ الرَّجُلِ مِنَ الْجِبَايَاتِ وَالْمُصَادَرَاتِ؛ لِأَنَّ مَا بِأَيْدِيهِمْ أَمْوَالُ النَّاسِ، وَمَا عَلَيْهِمْ مِنَ التَّبِعَاتِ فَوْقَ مَالِهِمْ، فَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْغَارِمِينَ وَالْفُقَرَاءِ، حَتَّى قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ: يَجُوزُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ لِعَلِيِّ بْنِ عِيسَى بْنِ مَاهَانَ وَالِي خُرَاسَانَ. وَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ زَكَاةٌ أَوْ صَدَقَةُ فِطْرٍ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَإِنْ تَبَرَّعَ بِهِ الْوَرَثَةُ جَازَ، وَإِنْ أَوْصَى بِهِ يُعْتَبَرُ مِنْ ثُلُثِهِ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ، فَلَا تَتَأَدَّى إِلَّا بِهِ أَوْ بِنَائِبِهِ تَحْقِيقًا لِمَعْنَى الْعِبَادَةِ؛ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ شُرِعَتْ لِلِابْتِلَاءِ لِيَتَبَيَّنَ الطَّائِعُ مِنَ الْعَاصِي، وَذَلِكَ لَا يَتَحَقَّقُ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَقَصْدِهِ، وَلِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْإِيتَاءِ، وَلَا يَتَحَقَّقُ مِنْ غَيْرِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَائِبًا عَنْهُ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ، بِخِلَافِ الْوَارِثِ لِأَنَّهُ يَخْلُفُهُ جَبْرًا، وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَدَاءُ وَارِثِهِ عَنْهُ إِلَّا أَنَّا جَوَّزْنَاهُ اسْتِحْسَانًا، وَقُلْنَا بِسُقُوطِهِ عَنْهُ بِأَدَاءِ الْوَارِثِ، لِحَدِيثِ الْخَثْعَمِيَّةِ حَيْثُ قَالَ ﵊: «فَدَيْنُ اللَّهِ أَوْلَى» .

1 / 104